السؤال
السلام عليكم.
أعيش في بلاد أجنبية، وأدرس فيها، وأحببت فتاة، ونركب في نفس الحافلة كل يوم تقريبا، لا أعرفها، ولا تكلمت معها أبدا، فتقربت إلى الله أكثر لغرض أن أنساها، ولكن أحببتها أكثر إلا أنها كانت سببا في تقربي إلى الله أكثر، فهل هذا ابتلاء؟ أو ما التفسر الديني؟ وماذا تنصحونني أن أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك أخي إلياس في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يبصرك بالحق ويعينك على اتباعه.
أخي الكريم: دعنا نتحدث إليك عبر نقاط محددة ليسهل الوصول إلى مقصدونا:
أولا: إننا نحمد الله إليك تدينك، وحرصك على طاعة الله عز وجل، ونحمد الله إليك حسن نيتك، وقد بدا من خلال حديثك أنك شاب صالح تريد الخير لنفسك ولأسرتك، نسأل الله أن تكون أفضل مما نظن.
ثانيا: الزواج -أخي- لا يبنى على النظرة العاجلة، كما لا يبنى على الأحلام أو الأوهام التي لا تستند إلى ما يعضدها من الواقع، وأنت شاب جامعي، ولا ندري هل أمر الزواج متاح لك فورا، أم بعد الجامعة، أم بعد أن تجد عملا؟
جواب هذا السؤال مهم جدا، وإن بدا لك أنه بعيد عن الموضوع، لأنك متى ما علمت موقعك سهل عليك التحرك نحو هدفك.
العرب تقول: ثبت العرش ثم انقش. إذا كنت أخي الكريم غير مستعد للزواج وأنت طالب، ولا بعد الجامعة مباشرة، فهذا يعني أنك تتعب نفسك، وتجهدها بأمور فوق طاقتها، وحتما ستأخذ من وقتك ما يشغك عن هدفك، وكان الأولى بك والحال كذلك أن تنتبه لجامعتك حتى تنتهي منها أولا، ثم بعد ذلك تشق طريقك وأنت واثقا من نفسك.
نرجو ألا تغضبك المقدمة تلك، لأننا رأينا بأعيينا، وسمعنا بآذاننا عن شباب كانوا صالحين مثلك، لكنهم لما أضاعوا أهدافهم، وانساقوا خلف نوايا طيبة؛ خسروا جامعاتهم ولم يوفقوا إلى ما أرادوه، وبعضهم يراسلنا وهو يبكى ويقول: كل شيء ضاع مني، أهلي، ودراستي، وحتى الفتاة التي كنت أحبها لم يوافق أهلها على الارتباط بي لأني غير مستعد ولا أنهيت دراستي، ثم يدخل في دوامة كان في غنى عنها لو كان هدفه من البداية واضحا، ولم يشغله عنه شاغل.
ثالثا: دعنا نفترض أن أمورك المادية تسمح بالزواج اليوم أو بعد الجامعة مباشرة، وتريد أن نستقر سويا، هل تصلح هذه الفتاة التي لا تعرف عنها شيئا زوجة أم لا؟
النظرة العجلى أخي لا تقودك إلى الجزم بالإثبات أو النفي، فكما لا يخفاك أن الزوجة الصالحة نعيم الدنيا، ونبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن أغراض الناس في الزواج متباينة، منهم من ينجذب للمرأة لجمالها ومنهم لمالها، ومنهم لحسبها، ولكن الزواج الصحيح المعتبر شرعا ما كان مبنيا على الدين ابتداء قال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها: فاظفر بذات الدين تربت يداك" فغض الطرف بداية عن أي شيئ وابدأ بالدين، فكل نعيم منفصل عن الدين لا يبني السعادة، ولا ينشأ البيت السليم، انظر إلي تدين من تريد الزواج منها ومدى التزامها من عدمه، فزوجة الغد مستودع أمانتك، وهي الأم الصالحة لبنيك، وصلاح أهلها عامل مهم في استقامة بيتك، وصلاح حالك، وحال أولادك من بعد ذلك.
وعليه أخي فقد يكون هذا لون ابتلاء إذا كنت غير مستعد أو الأمر لا يزال طويلا نسبيا، ونصيحتنا ساعتها أن تبتعد وفورا، وأن تحدد هدفك وتتوجه إليه، وأن تستعين بالله على ذلك، وثق أن الله سيعينك، خاصة إذا ما أخذت بتعاليم دينك من غض البصر والقيام بحق عبوديتك لله عز وجل.
وإن كنت مستعدا، ولن تجد معارضة من أهلك عليها فاستوثق من دينها وشاور أهلك فيها قبل أن تتقدم لها، ثم تقدم، وفي كل أحوالك الزم الاستخارة أخي الحبيب.
وفقك الله لك خير، ونحن سعداء بتواصلك في أي وقت، والله المستعان.