التعامل مع الناس بحساسية مفرطة

0 625

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله، وجزى الله خيرا كل من يسهم في نجاح هذا الموقع.
اصبروا علي فسأطيل عليكم، ولدي عدة مشاكل هي كالآتي:

أنني أتعامل مع الناس بحساسية مفرطة، وأنا أعمل جاهدا على عدم اشمئزازهم أو تضايقهم مني، ولا أثق إلا في القلة القليلة من الناس، لكنني أثق في كل أصدقائي، وعددهم كبير جدا ويحبونني وأحبهم جدا جدا.

رغم أنني رجل وأكره كل ما يتشبه به الرجل بالمرأة، إلا أنني أظل لفترة أسرح شعري أمام المرآة، وأدقق في مظهري من كل زاوية وأخرى، ولا أعرف هل لهذا علاقة في أن أمي كانت تقص لي شعري في البيت فيكون سيئا للغاية -هذا في صغري-.

في صغري كنت أعاني من قسوة الوالدين، فقد كان قلبي ينفطر إذا سمعت صوت والدي، وأمي كانت تضربني ضربا مبرحا، وإلى الآن لا أعرف السبب ورغم أنهما تغيرا 100% إلا أنني لا أزال أجد في نفسي شيئا منهما، علما بأنني أبرهما وأحبهما.

- أخاف من الأمراض كثيرا، ولا أدري هل لهذا علاقة بمرضي السابق أم لا، حيث أنني مرضت كثيرا ودخلت المستشفى عدة مرات، وأنا الآن بصحة جيدة وقوي البنية ورياضي ولله الحمد.

- أزن كلام الناس كثيرا، وكل كلمة أضع لها تأويلا وأعاني من ذلك، وأخاف من شك الناس في، فمثلا إذا كنت في معرض ما أضع يدي خلفي، وأزن كل حركاتي وسكناتي لكي لا يشك في المراقب، وأي نظرة منه أعتبرها اتهاما.

- عندما أكون جالسا مثلا في الحافلة وأتذكر أنني سأنزل في المحطة، ينتابني هلع أحسه في صدري ويمتد إلى لساني وتتسارع دقات قلبي، وهذا كله لأمر بسيط كما ترون.

- عندما أتخيل أن شخصا له أظافر يقوم بخربشة الأرض أشعر بقشعريرة في صدري وبعض الارتجاف في رقبتي، وأحاول دفع هذا التفكير التافه لكن دون جدوى، لكنني أنتصر عليه بعض الأحيان.

- رغم أنني أخجل إذا مررت مثلا أمام أعين الناس في مكان عام، إلا أنني وفي العديد من المرات أواجه الجمع الغفير ولا أخجل وأتكلم بكل طلاقة وثقة.

- آخذ دواء ليفوطيغوكس 50، لأنني كنت أجريت عملية إزالة عقد على الغدة الدرقية، فلا أدري هل يمكن أن يسهم الدواء في تدهور صحتي النفسية.

لمعلوماتكم أنا ولله الحمد محافظ على صلاتي، وأحسب نفسي ملتزما وذو أخلاق، وكل ذلك أعتبره الوضع الذي يجب أن يكون عليه أي إنسان، وأنه لا يقدم شيئا مقابل نعم الله، إضافة إلى كل المشاكل التي تحدثت عنها، فإنني في بعض الأحيان أشعر أنني موجود وغير موجود في هذا العالم، لا أصاب بغيبوبة ولا دوار، وهذا هو أفضل ما وجدته للتعبير عن هذه الحالة منذ سنين، ويصيبني رعب من هذا الشعور وأعجز عن القيام بأي رد فعل، فأقوم من مكاني وأمشي في أرجاء البيت وأضطرب كثيرا، وهذا الأمر كان عندي منذ الصغر، وقد نقصت حالاته كثيرا في الكبر، ولكنه بين الفترة والأخرى يعكر مزاجي.

أمر آخر يقلقني وهو شعوري بأني أذكى ممن حولي وأكثر منهم إحاطة بالأمور، وأظنهم دائما لا يفهمون الأشياء مثلي، وقد حاولت جاهدا دفع هذا الغرور لكن لم أفلح.

حاولوا جزاكم الله خيرا أن تربطوا بين الاستشارتين، وتمنياتي لكم بالسعادة في الدنيا والآخرة، وبارك الله فيكم على المساعدة وأصلحكم وأصلح أهليكم وذويكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيرا أيها الأخ الفاضل على رسالتك المفصلة، والتي أوضحت فيها الكثير من الجوانب التي عكست شخصيتك، وأرى أن العلة الأساسية تتمركز حول شخصيتك، وحين أقول: العلة الأساسية، أرجو أن لا تنزعج لذلك، حيث أني قصدت السمات الأساسية أو النمط الذي بنيت عليه شخصيتك؛ لأن هذا النمط هو الذي يفسر كل ما ذكرت.

فأنت تعاني من شخصية قلقة، كما أن لديك بعض الوساوس والتوترات الداخلية، وأنت حساس بدرجة كبيرة كما ذكرت، وتعاني أيضا من شيء من حب الذات، وهذه كلها حقيقة نشاهدها كنمط من أنماط الشخصية، ومن الواضح أيضا أنك تلجأ إلى تحليل الأمور بدقة شديدة ودقة متناهية، وهذا ربما يكون أمرا جيدا إذا وظفته من أجل النجاح في عملك وتواصلك مع الناس.

الدواء الذي تأخذه من أجل الغدة الدرقية لا علاقة له مطلقا بحالتك النفسية، كما أرجو أن أوضح لك أن ما وصفته من المعاناة من قسوة الوالدين حقيقة أنا شخصيا لست من أنصار المدرسة التي تقول: إن قسوة الوالدين في الصغر ربما تكون السبب للأمراض النفسية في المستقبل، فالوالد لا يقصد أن يقسو على ابنه ولكنه ربما يكون منهجا من مناهج التربية المقبولة اجتماعيا، وأنت الآن تتمتع بمعاملة طيبة بينك وبين والديك، وأنا سعيد أن أسمع بأنك بار بالنسبة لهما وتحبهما.

كل الأفكار التي ذكرتها إن كانت أفكارا وسواسية أو أفكارا سلبية، أرجو أن تعيد تحليلها مرة أخرى وتبحث في كل فكرة حتى تجد الفكرة المضادة لها، فكل فكرة ذكرتها توجد فكرة أخرى مضادة لها تماما، عليك أن تركز على الفكرة المضادة، وبتركيزك على الفكرة المضادة سوف تجد إن شاء الله أن الفكرة السلبية أصبحت تضعف وتضمحل حتى تختفي.

الشيء الآخر هو أنك مطالب بالفعل أن تتأمل في الأمور الإيجابية في حياتك، وسوف تجد إن شاء الله أنها كثيرة جدا.

قضية الرقابة الشديدة على الذات، أيضا نحن لا نشجعها، فالإنسان عرضة للإخفاقات في بعض الأحيان، عليك أن لا تحاسب نفسك على كل شيء، فالإنسان يحاسب نفسه على كل شيء فقط فيما يتعلق بطاعة الله تعالى، أما الأمور الأخرى فيجب على الإنسان أن يترك لنفسه مجال للخطأ، والخطأ الغير مقصود، وأن لا تحاسب نفسك كثيرا.

أما بالنسبة لتعاملك مع الناس، فنصيحتي لك أيها الأخ الكريم هو أن تتأكد أنك في هذه الدنيا لا تستطيع أن تفرض مفاهيمك أو قيمك على الآخرين، وفي نفس الوقت أنت لست مجبرا بالأخذ بقيمهم أو مفاهيمهم، ولكن الأمر يتطلب شيء من النسبية والوسطية.

كما أن قضية الثقة في الناس هي حقيقة متفاوتة، وعلينا أن نحاول أن نثق في الناس بقدر المستطاع، مع الحذر؛ لأن الحذر والشك أيضا فيه حماية ومنفعة للإنسان في بعض المواقف .

الحمد لله أنت ملتزم بصلاتك، وهذا إن شاء الله سوف يجعل لك خيرا كثيرا، وسيكون من الجميل أيضا إذا التزمت بحلقات التلاوة ومصاحبة الأخيار من الإخوة الأفاضل.

الجانب الآخر في علاجك هو أود أن أنصح لك بأن تتناول بعض الأدوية أو دواء مضاد للقلق والتوتر والحساسية والوساوس، ومن الأدوية الجيدة العقار الذي يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تبدأ في تناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرين آخرين.

هذا الدواء إن شاء الله مفيد، وسوف يؤدي إلى اختفاء معظم الأمراض التي أنت تشتكي منها.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات