السؤال
السلام عليكم.
بداية: أشكركم على الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا على مجهوداتكم.
أنا فتاة عمري 22 سنة، أنهيت دراستي الجامعية منذ سنة -والحمد لله-، مشكلتي هي أنني مترددة في الإقبال على خطوة الزواج، أو بالأحرى أشعر بالخوف من فكرة الارتباط، وهذا كله بسبب العلاقة الزوجية، وأعتذر على جرأتي في التعبير، ولكنني أشعر بأنني لن أستطيع أن أكون زوجة لأحد أو ملكا لأحد، أشعر وكأن هذه العلاقة هي إهانة لكرامتي وحط من قدري.
أعلم تماما بأن أفكاري خاطئة وتتنافى مع ديني، ولكنها تحكم قبضتها علي، ولا أستطيع التحرر منها.
للإشارة فقط أنا فتاة ملتزمة ومنتقبة وأحفظ كتاب الله، ولا أزكي نفسي والله، لذلك أشعر بأنني بأفكاري هذه أغضب ربي، وأود بشدة تقويم معتقداتي السلبية عن الزواج، لكن لا أدري كيف؟ تعودت على رفض الخاطبين منذ أن كان عمري 16 عاما دون مقابلتهم حتى، وإلى حد الآن لم يتغير بي شيئا، فقط ازدادت حالتي سوءا وأزداد انغلاقا على نفسي وبعدا عن الرجال، كما أنني أشعر بالنفور منهم عندما يتعلق الأمر بالزواج.
انصحوني لو سمحتم ولا تبخلوا عني بآرائكم، فأنا أشعر بأنني أعصي ربي في هذه المسألة، ولكن الأمر يفوق طاقتي.
بارك الله فيكم ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جموح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونرحب بك في موقعك، ونحن لك في مقام الآباء والإخوة الكبار، وكل من في الموقع من الإخوة والأخوات يشرفوا بخدمة أمثالك من بناتنا الفاضلات.
هذا الذي يحدث منك يحتاج إلى تصحيح الفكرة، فأرجو أن تعلمي أن الزواج وأن العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة في إطار الشرع من اللذائذ التي قدمها الله تبارك وتعالى، وهي من الأمور التي تسعد كل الأطراف، ونحن على يقين أن الفكرة ستتغير من أولها إلى آخرها بمجرد دخولك في هذا المشروع الجميل الذي هو مشروع الزواج.
ونحب أن نؤكد أن مثل هذه الأفكار قد تكون لخبرات سالبة، تستمع إليها الفتاة ممن حولها من النساء، ممن يهولنا هذه العلاقة ويشوهن صورتها، وقد يكون ذلك أيضا من خلال بعض القراءات أو التصورات الخاطئة، وقد يكون ذلك أيضا بناء على بعض المخاوف التي شاهدتها الفتاة في صديقة من صديقاتها أو في من حولها من أمور سيئة في العلاقات الزوجية الفاشلة.
ونحن يؤسفنا أن النماذج الفاشلة هي التي تجد المساحات فتتسع، في حين أن النجاح هو الأصل، وأن هذه العلاقة من أسعد العلاقات التي يسعد بها الرجل وتسعد بها المرأة، فللرجال خلقت النساء، وللنساء خلق الرجال، وعليه: أرجو أن تتواصلي مع موقعك لتذكري لنا أسباب هذه المخاوف، ولا مانع من أن تتواصلي أيضا مع طبيبة نفسية ممن تخاف الله تبارك وتعالى وتتقيه، وسيكون الأمر بينك وبينها سرا، حتى تتفهم هذه الأسباب منك بوضوح، لأن معرفة السبب من أكثر ما يعيننا ويعينك ويعين الطبيبة المختصة على علاج الخلل وتغيير هذه الفكرة السالبة التي تعتبر فكرة غير حقيقية.
أما كونك آثمة؛ فلا إثم عليك في هذا الذي يحدث، وهذا ليس فيه اعتراض، والفتاة من حقها أن تتزوج أو لا تتزوج، لكن من المهم جدا أن تعرف أن في الزواج سعادة، وأن به يكتمل الدين، فإن من تزوجت فقد استكملت نصف دينها، فلتتقي الله في النصف الآخر.
كما أرجو أن تبوحي بمشاعرك تجاه الرجال، هل يا ترى تجدين شوقا إليهم عندما يكونون بعيدين؟ يعني: هل تأتيك مثل هذه الأفكار؟ أم يوجد إشكال في هذه الناحية؟ وهل هذا الخوف مصدره كما أشرنا خبرات سالبة أم خوف من تلك اللحظة، أم تصورات خاطئة؟ ... كل ذلك يحتاج إلى تصحيح، ولن ينجح الطبيب ولن ننجح نحن إلا إذا عرفنا أسرار هذه المخاوف، حتى نفك هذه العقد ونحلها، مستعينين بالله تبارك وتعالى.
ونؤكد لك أن الموقع يرحب بك، ومن حقك أن تطلبي حجب الاستشارة وألا يطلع عليها إلا أنت، وعندها لن يراها إلا من تجيب عليها من الطبيبات، أو يجيب عليها من آبائك الخبراء، وأنت فقط، ونحن مطالبون بحفظ الأسرار، وعندها تستطيعين أن تطرحي المخاوف التي عندك بوضوح، لتجدي الإجابة من الشرعيين ومن النفسيين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وخففي على نفسك، فلا تجلدي ذاتك لأجل هذا الذي يحدث، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه الأزمة وهذه المواقف، ولا ننصح برد الخطاب، خاصة إذا كانوا مناسبين وصالحين، ووجدت فيهم ما يمكن أن يقبل، فإن رد الخطاب ليس في مصلحة الفتاة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وحافظي على قرآنك وذكرك لله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.