بدأت طريق الالتزام، لكن الوسواس يعرقل طريقي.

0 34

السؤال

السلام عليكم.

لقد هداني الله عز وجل ولكنني أجد صعوبة في التعامل مع أهلي، لأنهم يرونني معقدة لرفضي الكثير من الأشياء التي تغضب الله عز وجل، وأيضا بعضهم لا يصلي، وأحيانا بعضهم يقطع في الصلاة، وأنا أستحي أن أنصحهم دائما لأنني أصغر فرد في العائلة، ولا يلتزمون بنصيحتي، علما بأنني أحترمهم ولا أشتمهم إلا في حالات نادرة، وحتى لقد قيل لي من قبل أحد أفراد عائلتي بأنني شيخة، وأحدهم قال لي لا تصبحي متدينة، وأيضا لم يعد لي الكثير من الصديقات، لأن صفاتهم تغيرت، لأنهم في بداية المراهقة.

وقد تعبت من الفتن، ولدي ضغوط دراسية، وأيضا أعاني من الوسواس القهري في العبادة والمذاكرة وأعمال المنزل، لقد تعبت حقا، وسوف أشرح مثالا عن ما يحدث لي: فعندما أريد أن أنطق لفظ الجلالة للدعاء لا أستطيع، لأن عقلي يتخيل أني أدعو الشيطان، أو أدعو إنسانا، وأيضا عندما أصلي وأريد أن أسجد، عقلي يتخيل -والعياذ بالله- بأنني أسجد لإنسان أو حيوان أو شيطان أو ملك، ولذلك أنا أعاني مع الأمر.

وأيضا هناك لدي وسواس في العقيدة، والحمد لله لقد تخلصت من عادة نتف الشعر، ولكن أحيانا أمسك شعري وأريد أن أنتف، ولكنني لا أفعل ذلك، والآن أنا مشوشة بين ضغوطي الدراسية وخوفي من الانتكاس، لأنني أخذت خطوة واحدة في طريق الالتزام، وهي أن أتعلم العلوم الشرعية، وأخذت هذه الخطوة بشكل بسيط، لأن ما أقوم به فقط هو قراءة الأحاديث ومعرفة بعض الأشياء المهمة من موقعكم، والمفاجأة أن لا أحد يعلم غير الله، وبإذن الله أنتم بمعظم ما تحدثت.

شكرا مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونحن مسرورون كثيرا بحديثك، ونحمد الله إليك تلك الهداية الصحيحة، وهذا الاقتراب من الله عز وجل منة من الله عليك، فليس كل الناس يوفق للعبادة ولا لطلب العلم الشرعي، فاحمدي الله -يا ابنتي- وسلي الله الثبات على الحق فإن العاقبة للمتقين، نسأل الله لك دوام الطاعة ودوام العبادة ودوام الاستقامة، وتذكري دائما أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله شاب -أو شابة- نشأت في عبادة الله، وهذا من نعم الله العظيمة عليك، فأنت في بداية الطريق، وحتما ستشاهدين غيرك من أقرانك من يهتم بما يضعف تدينه أو يخالف دينه أو يضيع وقته أو يبعده عن الله عز وجل، وتلك هي الغربة التي تحدث عنها النبيﷺ حين قال: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء"
وفي رواية أخرى: قيل: يا رسول الله! من الغرباء؟
قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس.
وفي اللفظ الآخر: يصلحون ما أفسد الناس من سنتي.
وفي لفظ: آخرهم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير.

والمقصود أن أهل الاستقامة قليل وهم الغرباء
(فطوبى للغرباء) يعني: الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور، وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة، واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون [فصلت:30-31] أي: ما تطلبون: نزلا من غفور رحيم [فصلت:32].)
وعليه فأول ما نوصيك به تحمل الغير خاصة أهلك، والنصح بالمعروف، والدعاء لهم بالهداية والصلاح، والبحث عن صديقات صالحات ولو واحدة، فإن هذا مما يعينك على الطاعة .

أما مسألة الوسواس فهذا من الشيطان فلا تهتمي، وتعاملي معه بغير اكتراث، ولا تشغلي بالك به، أهمليه ولا تفكري، واعلمي أن الله يعلم ما في قلبك، والله يحبك يا ابنتي، فلا تخافي ولا تقلقي، وكلما أتاك الشيطان بأمر سوء فاستعيذي الله منه، والاستعاذة مرة واحدة ثم انشغلي بطاعتك، ولا تلتفتي.

وخذي هذا الضابط حتى تستريحي:
كل شيء يقذف في قلبك أو على عقلك مما تقلقين منه اعلمي أنه من الشيطان، وأنك بمدافعتك له على خير كثير، وتأخذين الأجر مرتين.
ودعينا نضرب لك مثالا: لو جاء على عقلك أن الجنة حق والنار حق، هل تتألمين؟ هل تدفعين هذا القول؟ بالطبع لا، لأن ما أتاك هو ما تؤمنين به، ولو أتى على عقلك ما يخالف قلبك من مثل الكلام الذي ذكرتيه، هل تتألمين؟ هل تحاولين دفعه؟ هذا واضح من رسالتك، لأنه ليس العقيدة التي في قلبك.

فاحمدي الله على ما أنت عليه، وسلى الله الثبات، واهتمي بدراستك جدا، فنحن نحتاج اليوم علماء الغد، طبيبة الغد، مدرسة الغد، لتخدم الإسلام ودينها وعقيدتها، وتكون نموذجا صالحا لكل فتاة تحب التدين.

وفقك الله ورعاك، ونحن سعداء بتواصلك في أي وقت، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات