فقدت لذة الحياة وأشعر بالإرهاق والتعب دائما.

0 20

السؤال

السلام عليكم.

اعتذر عن إعادة السؤال فقد أخطأت في كتابة البريد الخاص بي المرة الماضية.

أنا طالبة في السنة الأخيرة من الثانوية، أوشكت امتحاناتي على البدء وأنا لم أجتهد بما فيه الكفاية هذه السنة، بالرغم من أنني كنت من المتفوقين طوال حياتي الدراسية، ولكني في هذه السنة قد تدمرت حياتي كليا، فبعد أن كنت مقربة من الله أصبحت بعيدة، واقترفت العديد من الأخطاء التي لم أكن أتوقع أنني أفعلها في يوم من الأيام، فقد أصابني الوسواس منذ فترة بوجود الله، ولكني استمريت في الدعاء وتخلصت منه، وها أنا قد بعدت عن الله، وأصبحت مقصرة في صلاتي وعبادتي بالرغم من أنني حافظة لكتاب الله، والأشخاص من حولي قد يروني إنسانة مثالية إلا وأنني أشعر بالخزي من نفسي.

أعتذر عن هذا الكلام الكثير، ولكني أسألكم بالله أن تساعدوني فقد تدمرت حياتي الدراسية، وأوشكت أن أفقد حلمي الذي يرافقني منذ صغري، فأنا أمر بفترة لا أعرف فيها لماذا كنت أسعى طوال هذه السنوات، ولماذا هذا الحلم؟ ولماذا أنا أعيش في هذه الحياة وأسعى لأحلامي وفي النهاية سأموت؟! لا أجد معنى لحياتي ولا بوجودي، فقدت الشغف في كل شيء من حولي، أصبحت أتهرب بالنوم أو بمشاهدة المسلسلات التي تزيد من اكتئابي؛ لأنني ذهبت للطبيب وشخصني بوجود حالة نفسية لدي، ولكن العلاج لم يفدني، أشعر بالقلق من أنني سأندم لأنني ضيعت حلمي، ولكني لا أستطيع فعل شيء، فقد فقدت لذة أي شيء في حياتي دائما أشعر بالإرهاق والتعب، ولكني أعيش بدون معنى لحياتي، أعتذر عن كلامي المبعثر، ولكني لا أجد من يساعدني.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

المشكلة بها عدة مشاكل متراكبة، فدعينا نقسم الإشكاليات واحدة تلو الأخرى كي نصل لحل شامل وافي.

أما المشكلة الأولى وهي البعد عن الله في فترة من الفترات، وطالما قد تبت ورجعت إليه وندمت على ما فات فإن الله يغفر لك ما قد سلف (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا)، وفي الحديث القدسي: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله تعالى، فيغفر لهم) فالخلق مركبون على الخطأ، ولكن المطلوب منهم سلوك طريق الاستغفار والتوبة.

أما المشكلة الثانية فهو وسواس العقيدة، والاعتقاد بوجود الله، فلتعلمي أنه هناك نوعان من الإيمان (إيمان التقليد - إيمان الاجتهاد) فإيمان التقليد وهو الإيمان بالله واعتناق الإسلام عبر التلقين والتقليد، وهذا يكفي للإسلام، أما إيمان الاجتهاد فهو درجة أعلى من التقليد، وهو الوصول للإيمان بالله بالنظر والاستدلال، وهذا لا يتم إلا بالنظر في الأدلة العقلية ومطابقتها مع نصوص الوحي، والبحث في إعجاز القرآن والسنة العلمي بحيث يثبت الإيمان في القلب، ولا يهتز مع أي صدمة. فإيمان الاجتهاد درع منيع ضد الشبهات والصدمات النفسية.

المشكلة الثالثة وهي مشكلة التأخر الدراسي، فأنت في السنة الأخيرة من الثانوية، وقد يترتب تخصص العمل والدراسة بقية حياتك، فليس هناك أية مشكلة بأن تؤجلي دخول الاختبارات إن كنت غير مستعدة، فالتأخير سنة خير من الإكمال في تخصص لا ترغبين به، أو الندم على اختيار خاطئ طوال العمر.

المشكلة الرابعة وهي المشكلة النفسية، فنصيحتي لك الذهاب إلى طبيب نفسي وعمل جلسات تعديل سلوكي، فأنت في حاجة إلى تغيير نمط تفكيرك، وإعادة النظر إلى الأشياء بمنظور آخر، وجلسات التعديل السلوكي قد تساهم في تغيير نمط التفكير الخاطئ.

بارك الله فيكم وأصلح بالكم.
-------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة أ/ عبد الرحمن محمد ضاحي................. مستشار العلاقات الأسرية والتربوية
وتليها إجابة د/ مأمون مبيض...............استشاري الطب النفسي.
-------------------------------------------------------------------
نرحب بك ابنتنا آية على تواصلك معنا عبر الشبكة الإسلامية، وأعتذر عن التأخير في الإجابة بسبب السفر وبعض الالتزامات، ولعلنا لم نتأخر عليك كثيرا، وخاصة أنك في السنة الأخيرة من الثانوية وعلى وشك تقديم الامتحانات النهائية.

كلامك في سؤالك واضح وغير مبعثر، فقد نقلت لنا صورة دقيقة تؤكد على ما تجدينه من معاناة.

طبعا لا تحتاجين أن أذكرك بقوله صلى الله عليه وسلم، إلا من باب {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} فقد قال صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) فكلنا مقصر، لكن علينا أن نسدد ونقارب حتى نصل إلى ما نرجوه ونأمله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا)، فندعو الله تعالى لنا ولك بالقبول.

أريد أن أوضح أن الوسواس القهري بما فيه من أفكار وأفعال قهرية سواء تعلقت بالعقيدة أو بالإيمان بالله أو بالصلاة أو بغيرها، هو مرض نفسي وليس مجرد عقاب على أخطاء وقع فيها الإنسان، هو مرض نفسي، له أعراضه، ويشخص ويعالج.

الكثير مما ورد في سؤالك إنما يشير إلى بعض أعراض الاكتئاب النفسي، من هذه الأعراض: النوم، وفقدان الرغبة في العمل، وشيء من اليأس، والإحباط، والسلبية، وربما أثر هذا أيضا على شهيتك للطعام، وعلى تفاعلك مع الناس الآخرين ... فهذه كلها ربما تشير إلى احتمال الاكتئاب النفسي.

ذكرت – مشكورة – أنك راجعت طبيبا، والطبيب شخص لك، ولكنك لم تذكري لنا التشخيص الذي ذكره لك الطبيب، ولا طبيعة العلاج الذي وصفه لك ولم تجدينه مفيدا.

هل كان التشخيص هو الاكتئاب؟ وكيف كان العلاج؟ .. لا أدري.

الأمر الآخر: هل تتعرضين في حياتك إلى بعض الضغوط النفسية، سواء داخل الأسرة أو خارج الأسرة، أو ما له علاقة بالمدرسة والتعليم؟ ... فكل هذا أيضا احتمال يمكن أن يضعف قدرة الإنسان على متابعة الطريق.

ما أنصحك به هو الأمر التالي:
أولا: أن تراجعي الأخصائية النفسية الموجودة عندك في المدرسة، فمعظم المدارس هناك فيها أخصائية نفسية تلجأ إليها الطالبات للاستشارة وأخذ الرأي، فإن كان بالمدرسة أخصائية نفسية فأنصحك بمراجعتها، وإلا فلا مانع من أن تأخذي موعدا مع طبيب نفسي أولا ليقوم بفحص الحالة النفسية والعقلية، ويسمع منك تفاصيل الأعراض، ليضع التشخيص ثم يصف العلاج.

فإذا كان التشخيص هو الاكتئاب فهناك علاج دوائي وعلاج سلوكي معرفي، فهناك أدوية مضادة للاكتئاب، وهي بالمناسبة لا تسبب الإدمان ولا التعود، كما هو خطأ شائع عند الكثير من الناس.

أما العلاج الثاني فهو العلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على جلسات للحوار وتبديل الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، لتخرجي من هذه الحالة النفسية التي أنت بها.

أدعو الله تعالى أن ييسر لك أمرك لتستعيدي نشاطك، فقد كنت من المتفوقات، وإن شاء الله تعودي إلى نفس هذا المستوى، وبانتظار أن نسمع منك أخبار نجاحك وعلاماتك ودرجاتك العالية بإذنه سبحانه وتعالى، ومن خلال جهدك ودراستك وصحتك، ونسأل الله أن ييسر ويسهل لك الامتحانات، ويوفقك ويسددك في كل سؤال وإجابته.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات