السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة متزوجة منذ (9) سنوات ولم أرزق بعد بالأولاد، وبعد (7) سنوات من الزواج أكرمنا الله وكفلنا فتاة، وأنا سعيدة، لكني أعاني من النظرة الخاطئة التي يرمقني بها الآخرون، خاصة المقربين، ويحاولون دئما وعمدا إحساسي بأنه ينقصني شيء، أو أني أقل منهم، كما يريد البعض خلق حاجز بيني وبين ابنتي، وكأنهم يحاولون دائما تذكيري بأنها ليست ابنتي، ويعلقون على كل تصرف، خاصة الذي يصدر مني دون زوجي، وأنا أكره هذا التدخل، ولقد ضقت ذرعا.
أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Ouarda حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرزقك الصبر على أذى العباد.
فإن كلام الناس لا ينتهي ورضاهم غاية لا تدرك، ومن راقب كلام الناس واهتم بتصرفاتهم أتعبته الهموم، فهم -كما قيل- لا يعجبهم العجب، فاشغلي نفسك بطاعة الله وعمري وقتك بذكر الله وعطري بيتك بتلاوة كتاب الله، واقصدي بعملك وجه الله.
وليس عدم وجود الأولاد عيبا ولا منقصة، وإنما الخذلان والنقصان في الجهل بالدين والتطاول على الآخرين، والإنسان لا يجد الأموال ولا الأولاد ولا العافية وغيرها من النعم إلا بتقدير وتوفيق من الوهاب، وقد اقتضت حكمة الحكيم أن تكون النعم مقسمة، فهذا يعطى عافية ومالا ويحرم الولد، وذاك يعطى مالا وولدا وعافية ويحرم من نعمة العلم والنجاح، والسعيد هو الذي يعرف مقدار ما عنده من نعم ليؤدي شكرها.
وأرجو أن تتغافلي عن نظرتهم وكلماتهم حتى يموتوا بغيظهم، وإذا كانوا يظنون أنه ينقصك شيء فهم تنقصهم أشياء مثل العقل والحكمة والدين، وما خفي من البلايا أعظم، وإذا وجدت إنسانا يتكلم على الناس أو يسخر منهم فذلك دليل على كثرة عيوبه، حتى قال بعض السلف: ( إنما يعيب الإنسان على الناس بقدر عيوبه ).
ولا يخفى عليك أن أبلغ رد على كيدهم هو الإحسان لهذه الطفلة والحرص على تربيتها على الإيمان والطاعة، مع تربيتها على الدعاء لك ولأبويها أن كانت يتيمة أو معروفة الأبوين، أما إن كانت غير ذلك فلا دخل لها في جريمة المجرمين، وهي أهل لكل عطف ورعاية، وسوف تعلم بحقيقة الأمر طال الزمن أم قصر، وإذا تربت على الإيمان والآداب فلن يضيرها كلامهم، وقد أحسن من قال:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا **** يغنيك محموده عن النسب
وليت كل واحد يشتغل بإصلاح عيوبه، ويسعى في إكمال جوانب النقص والخلل الذي يسأل عنه يوم يقوم الناس لرب العالمين.
فلا تحزني لما يحدث وتفرغي لما خلقك الله لأجله، وقابلي إساءتهم بالإحسان؛ فإنك لن تجازي من يعصي الله فيك بمثل أن تطيعي الله فيه.
ولا يخفي على أمثالك الأحكام والآداب الشرعية المتعلقة بالتعامل مع هذه الفتاة عندما تبلغ، فهي أجنبية بالنسبة لزوجك، ولا حق لها في الميراث، ولكن لا مانع من الوصية لها بشيء من المال، وأرجو أن يرزقكم الله برها وإحسانها، وأن يتقبل هذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم.
والله ولي التوفيق والسداد.