أصلي وأواظب على عباداتي لكن وسواس وجود الله أزعجني!

0 40

السؤال

السلام عليكم.

أريد حلا لمشكلتي، فأنا شاب عمري 20 سنة، أصبت منذ 4 اشهر بوسواس، وهو أن نفسي تنكر وجود الله، وأحس أني أنا الذي ينكر وجود الله.

أنا -الحمد الله- أصوم النوافل، وأقوم الليل، وأصلي الصلوات في وقتها، ومواظب على قراءة القرآن كل يوم -والحمد الله-، ولكن يأتيني وسواس في نفسي أن الله غير موجود، وكل هذا الذي أعمله لن يقبل، وأذكر الله كثيرا، مثلا: عند ذكر: لا حول ولا قوة إلا بالله، تقول نفسي: لا يوجد قوة لله -أستغفر الله-.

وتأتي في نفسي أني راض بهذا الذي يصدر، وأحس أني مشرك، وأنا -ولله الحمد- مبتعد عن المعاصي، وأخاف من الله، أخاف أن يعذبني، وأن أخلد في جهنم، وتأتيني في نفسي أني أعمل، وراض بعدم وجود الله، أحيانا أقرأ أي شيء لأثبت لعقلي أن الله موجود، وأتفرج فيديو لإثبات وجود الله -عز وجل- لعقلي.

وجهوني في هذه المشكلة، وأخبروني هل أنا خارج من الملة -والعياذ بالله-، أم ما زلت على ديني؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Youb حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نبشرك بأن ما حصل معك هو صريح الإيمان، وهذه بشارة خير ولا نذير شؤم، فلا تخف من تقلبات الشيطان تلك، ومن أوهامه التي يقذفها في قلبك، وسنعطيك الآن ضابطا تستطيع من خلاله رد أي شبهة ترد عليك حتى تعيش حياتك مستقرة، مستمتعا بنعمة الله عليك.

اعلم أخي الكريم: أن الوسواس هو أحد أدوات الشيطان لصرف الإنسان عن الخير، وإبعاده عن طريق الهداية، والإنسان ساعتها أحد ثلاثة:

1- إما أن يتكيف مع الوسواس، ولا يجد ألما لما يقذف في قلبه، بل يتجاوب معه إيجابا، فهذا -والعياذ بالله- قد ضل الطريق.
2- أو لا يستطيع التكيف، ويظل في صراع مع الوسواس، لكنه لم يسلك الطريق الصحيح في إزالته، فهذا مؤمن مبتلى.
3- لم يتكيف وسلك الطريق الصحيح، فهذا مؤمن نجح في الاختبار.

وأنت بين القسم الثاني والثالث، أنت -والحمد لله- منكر لكل ما يقذفه الشيطان بداخلك، وهذا يعني أن تعلقك بالله قوي -والحمد لله-، لكن بقي السؤال: كيف نتخلص من الوساوس؟ وهذا في النقطة التالية.

انظر -أخي الكريم- إلى كل كلمة ترد على خاطرك، أو تلقى في أذنك، أو تمر على ذاكرتك، مهما كان قبحها أو فجرها أو خبثها -لا يهم-، المهم هل تجد قناعة داخلية ورضى عن هذه الكلمة؟ الظاهر من حديثك ألا قناعة ولا رضى بل ألم وحزن وهم وغم، وهنا القاعدة: إذا اختلف ما يرد في الخاطر عن سلوك المرء أو معتقده فهذا شيطان، ودعنا نضرب لك مثالا:

لو قلت في داخلك الله هو الواحد الأحد، ومحمد هو النبي الخاتم، والجنة حق والنار حق، هل تجد في هذا الكلام ما يؤلمك؟ هل تجد حرجا من ترداده سرا وعلانية؟ بالطبع لا، لأن هذا هو حقيقة ما تعتقده، أما لو قال لك الشيطان أو قذف كلاما غير صحيح، فهل تجد موافقة على هذا الكلام؟ هل تجد تلذذا وقناعة به؟ إذا كنت تنكره وتقلق منه كما هو حالك، فأنت مؤمن، وليس هذا قولك.

بقي أن نتحدث عن علاج الوسواس -أخي الكريم-، وأمره يسير، فقط عليك أن تفهمه، فإذا فهمته سيطرت عليه، وأول ما يجب أن تعرفه: ان نشاط الوسواس ينشط في بيئة التفكير السلبي، فإذا أردت القضاء عليه فحول كل أمر سلبي إلى إيجابي، فالوسواس سخيف، والإنسان يربطه في فكره بالسخف.

ردد في نفسك، هذا وسواس، وكلام فاضي، وكلام سخيف، هذا نوع من التغيير المعرفي المهم جدا، فحين يستخف الإنسان شيئا فسوف يحتقره، وحين يحتقره سوف يحدث ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، أي: أن الوسواس يصبح ليس جزءا من حالة الإنسان. هذه التمارين تحتاج للصبر والتكرار والجدية في تطبيقها.

تعامل مع الوسواس بنوع من أنواع الاحتقار: فإذا أنكر لك وجود الله فاضحك عليه، وقل: بل موجود وأنا مؤمن به، ورغم أنفك أيها الشيطان، وقرر ساعتها أن تذكر الله 100 مرة، وكلما أتاك افعل به هذا، المهم أن تفعل هذه العبادة بلسانك وقلبك فقط، ولا تترك أشغالك أو عملك، بل وأنت تعمل، وأنت تأكل، وأنت تسير، وأنت تركب الحافلة، افعل ذلك، وحاربه بهذا اللون، ونبشرك سيفر منك هاربا أيها -الأخ الحبيب- المؤمن.

وفي الختام: نود منك أن تصاحب أحد العلماء الثقات، وأن تلازمه، فمصاحبتهم هدى ورشاد، بارك الله فيك ووقاك وهداك وأصلحك، وأنت مؤمن موحد، فلا تستمع لهراء الشيطان.

حفظك الله، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات