السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ أربع سنوات، ولدي طفلان، وأنا حامل في الشهر الرابع.
زوجي -ولله الحمد- كريم يتفانى في عمله من أجلنا، ودود ويحبني، ولكنه يستفزني كثيرا بكلامه، فهو دائما يستفزني بكلامه عن أهله بحيث يقول إنني مجبرة على طاعة والدته، وأنها هي الأساس، وأنني ضيفة عندها، مع أنني في بلد وهي في بلد آخر، وهو بار جدا بها، وأنا أحب ذلك، ولكن لماذا الاستفزاز ولو على سبيل المزاح؟!
مزاحه ثقيل جدا معي ومع غيري، مع أنه محبوب جدا ولكنه يقول لي: من حبه لي يفعل ذلك، وبسبب ضغوطات العمل يمازحني هكذا، ولكنني لا أجده عذرا مقنعا، أم زوجي تتكلم كثيرا عن نفسها وتمدح نفسها وأبناءها وتربيتهم، وكأنها تفضلت علينا بأنها زوجتنا منهم، وهي تحب أن تكون كل شيء في حياتنا، وتريد أن نكون لها طائعين طاعة عمياء.
مللت كثرة المدح، أحيانا أجاريها في الكلام وأوافقها، وأحيانا لا أطيق ذلك أشعر بأنني أمثل، أفكر بالطلاق أحيانا وأكتئب.
أشعر بأن حياتي كلها مجاملات من أجل إرضائه وإرضاء والدته، أتمنى أن تجدوا لي حلا لمشكلتي. تعبت وأصبح ألم الرأس لا يفارقني أبدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك ووالدته لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
إذا كان الزوج بالمواصفات المذكورة فأرجو أن تتحملي والدته، وهي والدة لك أيضا، والحقيقة أنا أتعجب هي في بلد وأنت في بلد ومع ذلك تتضايقين مما يحصل، ولذلك أرجو أن تداريها، والمداراة مطلب شرعي، ومعنى المدارة أن نعامل كل إنسان بما يقتضيه حاله، ماذا يضرك - إذا كانت هذه المرأة التي في عمر أمك أو ربما أكبر منها - تمدح نفسها وتتكلم عن نفسها؟! كوني مستمعة جيدا، هذا لا يضرك، واهتمي بتجويد حياتك مع الزوج، ولا تطالبيه بأن يعق الوالدة أو يقصر في حقها أو يقصر الكلام عنها، فدعيه يتكلم، وأحسني الاستماع إليه، ولا تجادليه، ولا تدخلي في معارك معه أو مع والدته لأجل هذا السبب، فهذا بينهم وبين الله تبارك وتعالى، والشريعة تمنع أن يزكي الإنسان نفسه.
وعلى كل حال: كوني محترمة له، ومحترمة لوالدته وصابرة عليها لأجله، واهتمي بحياتك، وأقيمي بيتك على ما يرضي الله تبارك وتعالى، وقولي خيرا، إذا طلب شيئا قولي (حاضر) وافعلي ما يرضي الله، يعني: الآن أنت في بلد وهي في بلد، لست مطالبة أن تتابعي كلامها مائة بالمائة، فإذا قالت لك (افعلي كذا) قولي (حاضر) وافعلي ما فيه المصلحة، أما إذا كان ما تطلبه فيه ما يغضب الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن حتى في الأمور العادية من الحكمة أن نحسن الاستماع لمن هم أكبر منا (الوالدة، أو والدة الزوج، أو الجدة، أو كذا) نحسن الاستماع لهم، ثم نفعل ما يرضي الله، ثم نفعل ما فيه مصلحة، ثم نفعل ما نستطيعه.
فلا تحملي نفسك ما لا تطيقين، وتعوذي بالله من شيطان يريد أن يشوش عليك، ونحن بالنظر إلى هذه المشكلة مقارنة بما يصلنا من مشكلات، هذه من المشاكل القليلة جدا السهلة جدا، وأنت في مقابل ذلك ولله الحمد حياتك نموذج، وهذا الزوج أيضا نحن نؤكد أنه يحبك ويقدرك، وأنت قلت: معروف أن مزاحه بهذه الطريقة المستفزة، معك ومع غيرك، فلذلك مثل هذا يحتاج إلى شيء من الصبر، وإذا أردنا التغيير فقد نحتاج إلى وقت طويل، ولكن الإنسان إذا عرف من أمامه يريد أن يستفزه فلماذا أستجيب لكلماته؟ ونسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تفكري أبدا في الطلاق، فليس هناك ما يستحق التفكير بهذه الطريقة السلبية، واحمدي الله تبارك وتعالى على ما عندك من الإيجابيات لتنالي بشكرك وبثنائك لربك المزيد، فإن الله يقول: {وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم}.
زادك الله من فضله، وصبرك على ما أنت فيه، وأعان زوجك ووالدته على تفهم احتياجاتك وتفهم هذا الكلام الذي يسبب لك الألم حتى يتركوه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.