الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في مغادرة بيت والدتي بسبب مشاكلها مع زوجتي، بماذا تشيرون علي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخوة الكرام في موقع إسلام ويب، أود أن أستشيركم بخصوص مسألة تتعلق بالأسرة.

أنا رجل أبلغ من العمر 26 عامًا، متزوج منذ عام 2020، وأعيش في منزل واحد مع والدتي التي -ولله الحمد- تتمتع بصحة جيدة، ولدي طفلان: الأكبر يبلغ من العمر ثلاث سنوات وعشرة أشهر، والآخر في حدود السنتين، والدي لا يعيش معنا في نفس المنزل، ولا يوجد لدي إخوة من والدتي.

في بداية الزواج، كانت العلاقة بين والدتي وزوجتي طيبة، وكانت زوجتي تهتم بها وتقدم لها الهدايا، ومع مرور الوقت، بدأت تنشأ مشكلات كثيرة بينهما، وخصوصًا فيما يتعلق بالمطبخ والأطفال.

لاحظت أن والدتي أصبحت تستمع إلى كلام الناس من خارج المنزل بطريقة سلبية، وأعتقد أن هذا من أسباب التوتر في البيت، وقد يؤدي إلى خراب الأسرة -لا قدر الله-، وطلبت من والدتي ألا تخرج أسرار بيتنا للخارج، فكان ردها: سوف أتحدث إلى رفيقتي عمّا يحدث.

استمرت المشكلات بين والدتي وزوجتي على أسباب صغيرة وكبيرة، تتعلق بالمنزل، والنظافة، والأطفال، وغير ذلك، منذ فترة طويلة، لكن في الفترة الأخيرة تفاقمت المشاكل بشكل كبير، ووصل الأمر إلى تبادل السباب، بل وحتى الضرب بينهما؛ مما أدى إلى توتر كبير في المنزل.

تقول والدتي أحيانًا: طلقها! كما أنها في كل مرة أدخل فيها غرفتي مع زوجتي، لا تمر لحظات إلا وتبدأ بطرق الباب علينا باستمرار، الأمر الذي يزيد التوتر، ويؤثر على علاقتي بزوجتي بشكل سلبي.

بصراحة: أنا أرغب في الانتقال إلى منزل مستقل، حفاظًا على استقرار أسرتي، لكن المشكلة أن والدتي ستبقى وحدها، رغم أنها بصحة جيدة، وتستطيع الاعتماد على نفسها، ومن جهة أخرى: زوجتي لها الحق في سكن مستقل، يحتوي على غرفة، ومطبخ، وحمام، وهذا غير متوفر في السكن الحالي المشترك مع والدتي.

فما هو الحل في رأيكم؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يؤسفنا حالك هذا، لكن يسعدنا اهتمامك بأمك وزوجتك، وسعيك للتوصل إلى حل يُسعد الجميع، ويحقق لأسرتك الاستقرار الذي يُعينك على برّ الوالدة، وإرضاء الزوجة، وتربية الأبناء بهدوء وسكينة، ونحييك على حرصك على برّ أمك، وطلبك المخرج الشرعي لحل مشكلتك الأسرية، علمًا أن الخيارات الشائعة في مثل حالتك متعددة، منها:

- أن تختار أمك، فتطلق زوجتك، ويضيع الأبناء.
- أو تختار زوجتك، فتترك أمك وحدها، فيضيع البرّ.
- أو تبقى على حالك، ونحن لا نحبذ هذا الخيار كذلك.

لذلك، أولاً: نسأل الله أن يرفع همك، ويعينك على برّ أمك، وإسعاد زوجتك، وتربية أطفالك على خير.

ثانيًا: ننصحك بتغيير السكن، بأن تختار منزلًا يمكن تقسيمه بين أمك وزوجتك، بحيث يكون لكلٍ منهما خصوصيتها في مطبخها وغرفة نومها.

ومما فهمناه من سؤالك، أنك تسكن في منزل أمك، وهذا يجعلها مالكة المنزل، ولذلك ننصحك بأخذ منزل تُخصّص فيه غرفة لها وأخرى لزوجتك، أو جناحًا لكل واحدة بحسب الاستطاعة، ويُفضّل أن يكون لكل واحدة مطبخ مستقل إن أمكن، أو يتم تقسيم خزائن المطبخ وملحقاته بينهما بشكل عادل في حال استخدام المطبخ المشترك.

وإذا كان الخلاف بينهما يمتد إلى غرفة الضيوف مثلًا، فيمكنك تنظيم الأمر بتقسيم أيام الأسبوع بينهما، كأن تكون أيام الأحد والثلاثاء لأمك لتعزم من تشاء، ويوم الخميس مثلًا لزوجتك، وهكذا.

ولا تنس أن لأمك الشأن الأعظم، والنصيب الأكبر، فتعطى الغرفة الأكبر، والمكان الأجمل، فليس من العدل أن تساوي بينها وبين زوجتك، والتقسيم لا يعني المساواة.

وأما كون أمك تستمع إلى كلام الناس، وتنشر أسرار البيت: فهذا بلاء عظيم، ولكنها أمك ولا ينقصها ذلك من برك وحقها عليك، فيجب أن تنصحها بالحسنى، وحاول إحاطتها بالنساء الصالحات، وادع الله لها، لكن لا تكلمها بنبرة حادة، أو كلمة سيئة أبدًا.

وذكّر زوجتك بالله، ولتحتسب الأجر في إعانتك على برّ والدتك، وحاول إقناعها بأن الأسلوب الحسن يلين القلوب، ولو كانت قلوبًا من حجر، واذكر لها قصصًا من ذلك، وأعنها على أن تعود لما كانت عليه، من تقديم الهدايا، ومقابلة الإساءة بالإحسان، واستخدام الكلمة الطيبة، والصبر الجميل، حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه، ويحنّ قلب أمك عليكما، وتنتصر المعاملة الحسنة على كلام الناس، وفي أثناء ذلك، عوّض زوجتك بأن تصبرها، وتسمعها من الكلام الطيب، والمعاملة الحسنة.

ننصحك أيضًا: بأن تخصّص وقتًا تقضيه مع أمك وحدكما، كخروج بسيط أو سفرة قصيرة، وكذلك خصص وقتًا مماثلًا لزوجتك.

ثالثًا: نُنبهك إلى ألا تنسى حقوق أبنائك، فلهم عليك حق في الوقت والرعاية، فحاول قدر المستطاع أن تُبعدهما عن هذه المشكلات، وأن تُفيض عليهما من الحنان ما يُشعرهما بالأمان، وامنح أمهم الفرصة لتقوم بدورها في رعايتهما وتربيتهما، كما ينبغي أن تعطي أمك الفرصة لتمنحهما حنان الجدة ودلالها، بعيدًا عن الخلافات بينها وبين أمهم.

وأخيرًا: فكم غيّر الدعاء من أقدار، فادعُ الله أن يُعينكم، ويُصبّركم، ويُليّن قلوبكم، ويصرف عنكم رفقاء السوء، ويُريكم الحق حقًا ويرزقكم اتباعه، واستخر الله قبل كل قرار، وتوكل عليه، فهو خير وكيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً