السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتيجتي سيتم إعلانها اليوم، أنا لم أبذل قصارى جهدي في الدراسة لهذا الامتحان، لكن أجبت بصورة جيدة فيه.
أشعر بالتوتر الشديد، وأريد أن أحصل على نتيجة تفخر بها والدتي، ومشكلتي أني أخجل من الدعاء، لأني أرى أنني لم أجتهد لهذا الامتحان، وأخجل أن أطلب من الله حصولي على تقدير عال، أو أحيانا تأتيني أفكار بأن الله لن يستجيب لدعائي لأني لم أتخذ الأسباب، فماذا أفعل؟ وهل يمكن أن تتغير نتيجتي بالدعاء؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فدوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.
بالتأكيد سيصل جوابنا لك بعد طلوع نتيجتك، لذلك نظن أن التوتر الذي كنت تعانين منه قد انتهى مع انتهاء الحدث نفسه، وهذا التوتر أو القلق هو قلق طبيعي يتعلق بحدث مؤقت، مثل قلق الامتحانات، طالما كان في حدوده المعقولة، لكن لو زاد عن حده وأصبح يعيقك عن أداء مهامك ووظائفك فهنا تكونين قد دخلت في القلق السلبي، ولكن يبدو أن قلقك لا يزال في حدوده الطبيعية، لذلك لا داعي للقلق!
سنتحدث معك عن مسألة الخجل من الدعاء، جميل أن يشعر المرء بالانكسار والاستحياء من الله تعالى تعظيما لشأنه سبحانه وتعالى، وهذه من علامات الإيمان، لكن حتى يكتمل إيمان المؤمن بصورة متوازنة، ومع هذا الحياء وهذه الرهبة عليه أن يضيف الامتثال والرغبة بما عند الله تعالى، وهذا ليس نوعا من قلة الأدب مع الله تعالى، بل هو عين العبادة نفسها، مصداقا لقول الله تعالى: ﴿وقال ربكم ٱدۡعونيۤ أسۡتجبۡ لكمۡۚ إن ٱلذين يسۡتكۡبرون عنۡ عبادتي سيدۡخلون جهنم داخرين﴾ [غافر 60].
سمى الدعاء عبادة، وحذر من الاستكبار عن هذا النوع من العبادة، وهذا يعني أن علينا أن نلجأ إلى الله تعالى بالدعاء دوما، فندعوه بكل شيء يهم حياتنا، من أمور دراستنا ووظائفنا واحتياجاتنا، كما ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يسألون الله تعالى كل شيء حتى يسألونه ملح الطعام! نعم لهذه الدرجة كانوا يستشعرون قربهم من الله تعالى، ولهذه الدرجة كانت قوة علاقتهم بالله تعالى، وقوة استحضارهم لعظمته -سبحانه وتعالى- في حياتهم، فكانوا يعيشون مع الدعاء وللدعاء.
لذلك لا حرج عليك أن تدعي ربك بأن يرزقك تقديرا عاليا في دراستك، ولكن مع هذا الدعاء لا بد من بذل الأسباب، ومنها الاجتهاد في الدروس والمذاكرة، ولا يكفي مجرد الدعاء، لأن الاكتفاء بمجرد الدعاء هو مخالفة لأمر الله تعالى الذي أمرنا بالعمل بالأسباب الشرعية، كالدعاء، كما أمرنا بالعمل بالأسباب الطبيعية، كالدراسة.
أما ظنك بأن الله تعالى لن يستجيب فهو ظن في غير مكانه، وهناك قاعدة شرعية في الدعاء؛ هذه القاعدة تقول بأن الدعاء إذا كان مستوفيا للشروط فإنه لا بد أن يجاب بإحدى الطرق الواردة في الحديث التالي:
أخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- مرفوعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها)، قالوا: إذا نكثر؟، قال: (الله أكثر).
هكذا نرى أن الدعاء المستوفي للشروط لا يضيع أبدا.
أما سؤالك: هل يمكن أن يغير الدعاء نتيجتي؟ فالجواب نعم، إذا ترافق مع الدعاء الاجتهاد في الدراسة والتحصيل فالنتيجة سوف تتغير.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.