السؤال
السلام عليكم.
هل كل دعوة يدعوها العبد المسلم، سواء وهو ساجد أو في قيام الليل أو وهو قاعد، ويلح بها على الله، تكون هذه الدعوة إلهاما من الله سبحانه وتعالى، وأن الله هو الذي اصطفاه وأرشده لهذه الدعوة، وأن الله يريد أن يستجيب دعاءه؟ وماذا لو لم يستجب دعاءه وهو يلح على الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يجعلنا ممن إذا دعاه أجابه، والدعاء -أيها الحبيب- من أعظم العبادات التي تقرب الإنسان إلى ربه، بل هو العبادة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الدعاء هو العبادة) والله تعالى يحب هذه العبادة، فإنه يحب أن يسأل، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأن الدعاء فيه إظهار الفقر والحاجة إلى الله، والله هو الغني الحميد، وقد وعد الله سبحانه وتعالى من دعاه بغير إثم ولا قطيعة رحم أن يجيبه.
ولكن الإجابة لا تعني أن يعطيه نفس ما سأل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بأن الإجابة لها صور، فيمكن أن يعطيه الله تعالى ما سأل إذا كان في ذلك الخير له، وقد يصرف عنه من السوء والمكروه بمثل ما دعا به لنفسه، وقد يدخر له من الخير إلى الآخرة بقدر ما دعا، والله سبحانه وتعالى لطيف بعباده، يقدر لهم الخير ويوصله إليهم بأسباب خفية، وهذا معنى اللطف.
فالمسلم ينبغي له أن يجتهد في الدعاء، ويلح على الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى سيقدر له ما هو خير له، وإذا رزق الإنسان العبادة فإن هذا علامة -إن شاء الله- على أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجيبه، وقد كان عمر -رضي الله تعالى عنه- يقول: (إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه)، فهذا فهم الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- أن من ألهم الدعاء فإن الله تعالى أراد به الخير، وأراد أن يجيبه، لأن الله يقول: {ادعوني أستجب لكم}، ويقول: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، والشاعر أخذ هذا المعنى من الآيات والأحاديث وكلام عمر فقال:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ** من جود كفيك ما عودتني الطلبا
فالمسلم يحسن ظنه بالله سبحانه وتعالى، ويجتهد في دعاء الله، مع الأخذ بأسباب الإجابة والابتعاد عن أسباب رد الدعاء، فمن أسباب الإجابة -أي الأسباب التي تقوي رجاء الإجابة- أن يدعو الله تعالى في الأوقات التي يعظم فيها رجاء الإجابة، كالدعاء بين الأذان والإقامة، وفي السجود، وفي الثلث الأخير من الليل، وحال الصيام، وعند الفطر من الصيام، وعند نزول المطر، ونحو ذلك من الأوقات والأحوال، ويتوجه إلى القبلة، ويدعو الله تعالى على طهارة، ويرفع يديه، ويبدأ بالحمد والثناء على الله سبحانه وتعالى، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعائه.
فهذه كلها أسباب تقوي الإجابة، وهناك أسباب تمنع الإجابة ينبغي للمسلم أن يتحرز منها، ومن أهمها أكل الحرام، فإذا فعل المسلم بهذه الأسباب، أخذ بأسباب الإجابة وامتنع عن أسباب الرد فينبغي له بعد ذلك أن يحسن الظن بربه، ويعلم بأن الله سبحانه وتعالى سيختار له ما هو خير له، فقد قال الله: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.