السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤال لا أعرف إجابة له، وقد يكون السؤال بعيدا قليلا عن الدين، ولكن الدين جاء نهجا لحياتنا كلها.
أنا رجل متزوج حديثا منذ حوالي 9 أشهر تقريبا، فزوجتي لها هاتف محمول وعليه الواتس، فكان عندي فضول أن أرى الدردشة بينها وبين أمها، فوجدت أنها تحكي لأمها كل شيء، حتى عندما أذهب إلى والدتي ونعود، كانت تتكلم مع والدتها وتتحدث ببعض الكلام الذي يكون فيه شبه (تريقة) أي سخرية وكلام لا يعجبني عن أهلي، وخاصه كلامها عن أمي، أشعر بأني خدعت بها! مع أنها لا تظهر ذلك لي، فواضح من كلامي أن هناك عدم قبول منها لوالدتي، مع أن والدتي هي التي اختارتها لي لتكون زوجة صالحة -ظنا منها-، فما الحل؟
أنا أشعر بضيق ولا أستطيع أن أخبر أهلي؛ لأنه بذلك ستحدث مشاكل لا أعلم إلى أين ستصل، وخصوصا أنه سيأتي لي طفل في الطريق واقترب موعد قدومه، فأنا أشعر بضيق حاليا ولا أعرف ماذا أفعل؟ أشعر وكأني خدعت! وأنا لا أتحمل أي كلمة تجاه أهلي؛ لأنهم فعلوا المستحيل معي حتى صرت على ما أنا عليه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آدم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك من كل مكروه وسوء.
أحسنت حين قلت: الدين جاء لإصلاح حياتنا كلها، وهذا يدل على فهمك لمعنى الدين، ويا ليتك -أخي الكريم- قد التزمت بذلك ومنعت الفضول الذي أوصلك إلى التفتيش في جوالها.
أخي الكريم: لسنا مجتمعا ملائكيا حتى نحاكم الناس على خطراتهم، وأنا وأنت لنا من المعايب ما لو فضحت لكان أمرا جللا، والإسلام لأنه دين يراعي الفطرة ويحرص على إقامة العلاقة الاجتماعية في أسسها السليمة نهى عن تتبع العورات، وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته، فاحذر -أخي- مما فعلت من التجسس على هاتف زوجتك، ولا تعد إليه وتب إلى الله منه.
ثانيا: ليس معنى حديثها عن والدتك -حفظها الله- أنه لا تحترمها أو تقلل من شأنها، لكن من طبيعة النساء -أخي- أن الفتاة إذا تحدثت مع أمها تحاول أن تبين لها أن أحدا لا يمكن أن يحل محلها، البعض يفعل ذلك بنقض تصرفات الغير، أو ما أسميته (تريقة)، وهذا أمر يحدث مع أنه خاطئ لكنه يحدث، وربما أنت أيضا تقع فيه دون أن تشعر، فمثلا لو حدثتك والدتك عن حبك لأم زوجتك وجلوسك عندها طويلا، قد تقول كلاما يفيد بأنك مضطر أو أنك تفعل ذلك لأجل زوجتك أو أو...، المهم ستصل إلى أن مكان الأم لا يزاحمه أحد سواها.
قد يكون الحديث مبنيا على تصرفات لم تفهم، وهذا كذلك أمر طبيعي، فأمك -أخي- ليست أمها، كما أن أمها ليست أمك، ولن يكونا في منزلة سواء أبدا من حيث العاطفة القلبية، وهذا لا يعني انتقاصا ولا تقليلا بقدر ما هو توصيف واقع.
- هناك كذلك الأحاديث التي تخرج عفو الخاطر ولا يراد منها سوء، وهذا أمر طبيعي.
- يمكن كذلك أن يكون المفهوم الذي وصل إليك لم يكن مقصود الزوجة، أو أنك فهمت معنى إضافيا زائدا عما أرادت.
كل هذه -أخي الكريم- تبريرات تدفع ما علق بك، وأهلك على رأسك نعم، وبرك بهم واجب يقينا، لكنها زوجتك أيضا لها حقوقها، ومن حقوقها غفر زلاتها، والتجاوز عن بعض الهنات التي لا يخلو منها إنسان.
- أخي الكريم: هناك فارق بين الاختلاف والإهانة، وبين الانتقاد والتحقير، فليس معنى أنها أنكرت أمرا ما أنها لا تحب الوالدة أو لا تحترمها، هذا أمران مختلفان، ويدل على ذلك أننا أحيانا نختلف مع أهلينا ولا نراه تحقيرا، ولو قالت هذا الكلام أختك أو أخوك لما كان له هذا الثقل النفسي عندك، لأن الشيطان حاضر لتضخيم الأمر ومحو تلك الفواصل بين الانتقاد والتحقير، فانتبه يرعاك الله.
وأخيرا أخي الكريم: استعذ بالله مما حدث، ولا تفاتح زوجتك فيه، وكأن الأمر لم يكن، ومارس حياتك بصورة طبيعية، صل أهلك وأقاربك، وصل أهلها وأقاربها، وافعل ما يرضي الله عنك محتسبا الأجر، وستجد عاقبة ذلك إلى خير.
هذا، وبالله التوفيق.