السؤال
السلام عليكم
أنا متزوجة منذ سنة وأربعة أشهر، وشخصيتي ليست قوية؛ لأني كنت انطوائية، ولا أحب التعامل مع الناس، فكنت منعزلة عنهم أغلب الوقت، وكان من الممكن أن أكون صداقات، وأتكلم طبيعيا مع أي أحد، ولا أهتم برأيي، أو أتكلم كثيرا إلا مع الأقرباء.
علما بأني أتحرج جدا إذا تكلمت أمام عدد كبير من الناس، وكنت أحب أن أسمع أكثر، و-الحمد لله- لدي قدرات على فهم من يتكلم معي، وأساعده عند الحاجة، وزوجي كان يعرف كل ذلك منذ الخطبة، وهو بطبعه يحب الشخصية القوية.
بيني وبين زوجي توافق، بفضل الله، ولا أرفض التغيير للأفضل، وزوجي يحب صفاتي ويرضى عن تصرفاتي، وشخصيتي، ولأني أحافظ على صلاتي، ولست سليطة اللسان، وجيدة معه ومع أهله، فكان عنده أمل أن يغيرني إلى الأفضل، وبعد الزواج صارت بعض الخلافات، ابتدأت في الأول بأني غير مهتمة به، ولا أعمل في البيت، وأنه يكره أهلي، ولا يريد أن يذهب عندهم، وتخاصمنا كثيرا بسببهم، وهو في خصامه صعب جدا، وأنا أرضيه لدرجة أنه كان قد هدد بالطلاق حتى كدت أن أترك البيت، لكني أرجع وأرضيه.
الحمد لله: الخصومة انتهت، وصارت فقط بسبب شخصيتي، واستمر الخصام في ذلك حتى الآن، وكنت كل مرة أتصالح معه، والتغيير للأفضل عندي بطيء.
وصلنا لدرجة أنه يريد أن ينفصل عني، وأظهر ذلك لأهله في وقتها، ثم هدأ ورجعنا متحابين، لمدة أسبوع، ورجعنا للخصومة، والوضع بينا الآن أننا نعيش في بيت واحد، وصرت مجرد خادمة، أعمل الذي يقوله.
علما بأنه يسمح لي أن أخرج لوقت معين، ويقول: إما أن تعملي ونتقاسم كل شيء في البيت، وإما أن يصرف هو وأبقى في البيت تحت طوعه، لكنه لا يقدر على الانفصال، لضعف الماديات لديه.
كذلك بسبب الخصام في بعض الأوقات حين أغضب يتضايق ويتعصب أكثر، وكنت أرجع لأرضيه وأمتص غضبه؛ لأنه في الوضع الطبيعي شخص جيد في تعاملاته مع الأهل، ولما يظهر حبه يكون شخصا جميلا -ما شاء الله- لكنه يكره شخصيتي جدا، حتى ينسى حبه لي.
العيب الذي عنده أنه لا يحافظ على الصلاة في المسجد، وحاولت معه ونصحته، وهو يستجيب مرة ومرات لا يستجيب.
أنا نفسيا منهارة، ولكني أتعامل مع الناس وكأنه لا يوجد شيء يحزنني، وأدخل البيت ولا أقدر أن أحبس دموعي، وفي كل خصام أكون متفائلة أننا سنتصالح -بعون الله- وكنت أدعو كثيرا، وما زالت عندي نفس المهمة، وفي بعض الأوقات أحس أني خلاف ذلك، فأنا محتارة، لا أعرف ماذا أعمل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: دائما المقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة، واسمحي لنا أن نقول لك ذلك، وسنوضح بعد قليل لماذا قلناه.
ثانيا: الانطوائية لا تدل على ضعف الشخصية، كما لا تدل على قوتها، فقد نجد قوي الشخصية حاد الرأي، ولا يحب الخلطة بالناس، وقد نجد العكس.
ثالثا: للانطوائية أسباب كثيرة، ليس من بينها ضعف الشخصية، بل الضعف أثر من آثارها، ويضعف ويقوى حسب عوامل كثيرة.
رابعا: أنت لست صاحبة شخصية ضعيفة، بل اقتنعت أنت بذلك أو توهمت، لكنك لست كذلك، فليس كل من لم يرد على المخطئ ضعيف الشخصية، ولا كل من لم يختلط بالناس كذلك ضعيف الشخصية، بل إن أحد صفات الحكيم السكوت عن الإساءة في موطنها.
خامسا: لندلل لك على أنك لست صاحبة شخصية ضعيفة نعطيك ملامح تلك الشخصية:
- عدم القدرة على اتخاذ أي قرار حتى في الأمور الشخصية.
- الخوف والخجل من الكلام أمام الآخرين جميعا -الأهل كذلك-.
- التبعية للأقوى في الرأي أو الفكر أو الحركات، ولو كان مخالفا لقناعتك ومبادئك.
- كثرة الشكاوى حتى في الأمور التافهة، واللجوء دائما للآخرين، وعدم التفريق بين صحيح القول من سقيمه عند النصيحة.
- تقليد الآخرين في كل حركاتهم ولباسهم وهيئاتهم، حتى لا تكاد توجد لها شخصية تعرف بها.
هذه -أختنا- بعض تلك المظاهر، وهي ليست موجودة فيك، وإن توهمت ذلك، فعلاقتك في محيطك الآمن جيدة وطبيعية، وفهمك للصواب والخطأ موجود، والانسياق خلف الآخرين في كل شيء مفتقد، وعليه فإننا نذهب إلى أنك لست ضعيفة الشخصية.
سادسا: ما يحدث معك ومع زوجك يحدث في كثير من البيوت، بل نقول لك جازمين ما من بيت إلا وفيه من تلك المشاكل، ونحن دائما نقول: إننا نريد أن نتعلم فن إدارة الخلاف، هذا ما نريده فقط، أما وأد الخلاف من جذوره فذاك محال.
سابعا: زوجك فيه صفات حميدة، وأخرى سيئة، مثل أي رجل، وقد ذكرت أنه حينما يكون لطيفا ودودا لا يكون مثله أحد، وهذه هو البداية الصحيحة لحياة صحية.
ثامنا: إننا ننصحك بما يلي:
1- زيادة الثقة بالنفس، وطرد فكرة ضعف الشخصية من رأسك.
2- زيادة الرفقة للصديقات الصالحات، والانخراط بصورة طبيعية في المجتمع، لعلاج ظاهرة الانطواء، المهم ألا يكون ذلك على حساب البيت وزوجك.
3- إن الصبر على المشاكل الزوجية ليس ضعف شخصية، بل هو من ذكاء المرأة العاقلة، التي تعلم أن السنوات الأولى هي الأشق من السنوات الزوجية وأصعبها، ولذلك نوصيك بالصبر عند حدوث المشكلة، ثم بعد ذلك تتم مناقشة الزوج في وقت أرحب.
4- استغلي حسنات الزوج، واجتهدي في تنميتها، واحذري تصغيره أمام نفسه، حتى لا ينتصر لنفسه بالباطل.
5- من المفيد أن تكون للزوج صداقات صالحة، أو علاقات طيبة مع الصالحين، ضعي هذا في رأسك، وكلما وجدت رجلا صالحا بجوار الزوج تعرفي إلى زوجته بغرض توطيد تلك العلاقة.
6- الرجل أسير المدح، امدحي الزوج بما فيه كثيرا.
7- اجتهدي في نظافة بيتك دائما، واهتمي بنفسك على كل حال، وحصني بيتك بالأذكار وقراءة سورة البقرة ليلا في البيت حافظة.
استمري على ذلك، وأكثري من الدعاء بين يدي الله أن يصلح زوجك، وأن يهديه الله عز وجل، وستجدين تحسنا بأمر الله تعالى.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.