قلق واكتئاب وحمل لهموم الآخرين

0 281

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم، وجهودكم مقدرة ومحترمة ومشكورة جدا جدا، أريد رأيكم في مشكلتي التي أنهكتني جدا.

أنا من النوع الذي يحمل هما لكل شيء، ولا أدري حقا ماذا أفعل وخصوصا أنني أرى مبررا لما عندي من قلق شديد وخصوصا هذه الأيام.

والداي تقدما في العمر، وأصبحا يعانيان من الأمراض ومنها ما هو خطير كارتفاع ضغط الدم الشديد، فأنا أحمل همهما أينما ذهبت، وأتوقع للأسف دوما الأسوأ وأنهما ربما سيموتان، رغم أن الموت حق، وأيضا ما يجري في أيامنا وما تحياه أمتنا من وضع لا يسر إلا أعداءنا.

ولا أريد أن أشرح فأنتم تعرفون وتدركون حقارة ما نعيش فيه، وخصوصا ما يجري لأهلنا في فلسطين ومناظر الدم اليومي على الشاشات، وما يتبعه من إحباط وقلق واكتئاب وشعور بالذل، وللأسف والشعور العميق بالعجز نعم العجز.

بالإضافة لهموم المستقبل ومتطلباته، وأمور الطموح ومستلزماته، وما عند المرء من رؤية وأحلام وتطلعات، في ضوء كل ذلك وأنا لا يزال عمري 25 عاما، وحياتي في بدايتها، عمليا على الأقل.

فماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟ كيف أتجنب البلادة واللامبالاة (رغم أنني أتمناها أحيانا)؟ وكيف أتجنب أيضا القلق والاكتئاب والقولون العصبي الحقير؟ وكيف أحيا سني وعمري؟ أريد أن أحيا متمتعا بشبابي، أريد أن أفرح وألهو، ولا أعني أن أكون عاصيا أو متمردا لا سمح الله، فأنا -وهذا مثار فخري واعتزازي، وأعظم وسام على صدري- مؤمن بالله ورسله ودينه، وملتزم بما يمليه علي ذلك، والحمد لله الذي هدانا وأعزنا بالإسلام.

ولكن أكرر وأقولها استدراكا لا جدالا: أريد أن أفرح وأحيا وأشعر أنني شاب، وأنني أمارس حقي بالحياة دون شعور بالذنب أو القهر، فهذا القلق حقير، والاكتئاب صهيوني والإحباط أمريكي، فكيف أنتصر وأنصر نفسي وأهلي وأمتي؟ وأحيا كما هي الحياة الصحيحة والحق؟

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنت والحمد لله فخور بدينك وفخور بأمتك، وهذا شيء عظيم جدا.

والقلق أيا كان نوعه فهو طاقة جيدة تحسن القدرة والدافعية لدى الإنسان، ولكن هذا القلق لابد أن يوجه بالصورة الصحيحة، ولابد للإنسان أن يتحكم فيه حتى لا يخرج عن النطاق المألوف أو المفيد.

لا شك يا أخي أن مشاعرك تتغلب عليك، وأنا أفهم ذلك جيدا وأقدره تماما، ولكن أقول لك: إن الوسطية في الأمور دائما هي الأفضل، كما أنه يا أخي لا تنس مطلقا أنك ما دمت تحمل هذه الهموم فهذا بالطبع يدل على الحيوية والضمير الذي تتميز به، فكم رأينا من لا يهتم مطلقا ولا يغضب مطلقا، حتى حين تنتهك حرمات الله!

إذن يا أخي أنت حتى وإن كنت في الطرف الآخر من المعادلة، إلا أني أراك إن شاء الله بخير.

لا شيء يمنعك الفرح، ولا شيء يمنعك من اللهو المعقول، أرجو أن تنظم وقتك، وأرجو أيضا أن تحاول أن تستثمر وقتك، وتسلح نفسك بطاقات علمية، ومقدرات معرفية تساعدك في مواجهة هذه الهموم التي سردتها.

أستطيع أن أستخلص من رسالتك أنك لديك القابلية النفسية للقلق والتوتر، بمعنى أن نواة القلق هي في تركيبتك النفسية مرتفعة، وهذا -مما استخلصته- مما يحدث لك من قلق واضطرابات في القولون العصبي.

هنا دور الأدوية مفيد، خاصة الأدوية المضادة للقلق، وأتمنى أن تأخذ أحد هذه الأدوية وبجرعة بسيطة، والدواء الذي أنصحك باستعماله يعرف باسم (موتيفال)، أرجو أن تأخذه بمعدل حبة واحدة في اليوم، لمدة أسبوعين، ثم ترفعه إلى حبة صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم تخفض الجرعة إلى حبة واحدة مرة أخرى لمدة أسبوعين.

هذا إن شاء الله سوف يقلل من القلق والتوتر، وأعراض القولون العصبي، ويجعلك أكثر استرخاء، وذلك سوف يساعدك أيضا في التحكم في أفكارك، وسوف ترى أن أفكارك قد أصبحت أقل تسابقا وأقل تداخلا؛ حيث إن تسابق الأفكار وتداخلها يؤدي إلى القلق وإلى العجلة والاندفاعية في الأمور بصفة يشعر بعدها الإنسان بالندم .

لا شك أن حمل هموم الأسرة والإشفاق على الوالدين شيء طيب، ولكن دائما الإنسان يفوض أمره إلى الله، ويكون أكثر توكلا في مثل هذه الأمور وغيرها من الأمور، أيضا بعد أن يأخذ بالأسباب.

لا تنس أيها الأخ الكريم أنك تقوم بدور إيجابي في الحياة، وإن الله عز وجل قد اختارك لأن تحمل شيئا من هموم أمتك، وهذا شيء مفيد، فقط عليك الوسطية، وعليك أن توازن بين الأمور، وعليك أن تعرف أن لنفسك عليك حقا، فهذا إن شاء الله سوف يطمئنك، ويجعلك أكثر استرخاء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات