الدنيا فانية، فلماذا التعب؟

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا خريجة طب بشري، تعبت كثيرا من هذا الطريق الذي اخترته، ومن التفكير في المستقبل وماذا سأفعل؟ وإن كنت أريد أن أحصل على حياة طيبة سأتعب كثيرا بعد، كثيرا ما يراودني شعور أن هذا كله لا يستحق، وأن الدنيا فانية ولا فائدة من كل هذا البذل، وأنا سأترك كل هذا وأغادرها، وأشعر بالذنب من أني قد جعلت هذه الدنيا أكبر همي وأنا أفكر، فأفقد بعد هذا شغفي وأبقى حائرة ما أفعل؟ يوما بعد يوم أفقد شغفي وأستخف ما أفعله، أعلم أن التوقف ليس الحل، والتعب الكثير أيضا لا يستحق، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سدرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا.

لا شك أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضه، ولكن ينبغي للإنسان أيضا ليستخدم الفرص المتاحة فيها فيما يقربه إلى الله، فهي مطيتنا إلى الآخرة، وهي مزرعتنا إلى الآخرة، والإنسان ينبغي أن يعمل لما بعد الدنيا، فالدنيا هذه تكفل الله تبارك وتعالى فيها بأرزاقنا وخلقنا لغاية عظيمة، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون)، والإنسان ينبغي أن يبتغي بكل ما يعمل وبكل ما يفعل وجه الله تبارك وتعالى.

ودراسة الطب من الأمور الطيبة التي ينبغي للإنسان أن يحسن فيها النية، ويخلص فيها لرب البرية، يقصد بذلك طاعة الله وإسداء النفع لخلق الله تبارك وتعالى، ثم عليك أن تحافظي على الفرائض التي فرضها الله تبارك وتعالى والمسلمة مطالبة بأن تصحح، أن تتعلم ما تصحح به عقيدتها وعبادتها وتعاملها، ثم تنطلق بعد ذلك فيما تميل إليه النفس، والمجال الذي أنت فيه فيه الفائدة الكبيرة لأبنائنا وبناتنا، لرجالنا ونسائنا، ونحن بحاجة إلى طبيبات ممن يتقين الله تبارك وتعالى ويحرصن على نفع خلق الله تبارك وتعالى، وعليه أرجو أن تعلمي أن هذه الدنيا سلف الأمة الكرام جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا، فليس صحيح أن يقول الإنسان الدنيا بلا فائدة ولا تستحق ما أبذل فيها، هي بلا فائدة لمن قصد الدنيا، لمن أراد الدنيا، ولكن هي ذات فائدة عظيمة لمن جعلها مطية إلى الآخرة، لمن جعلها مزرعة، لمن جعلها مكانا للعمل.

ولذلك هذا كما قاله ابي لما جاء رجل فتكلم عن وضع الدنيا وسفهها ولم يعطها قيمة فقال: صدق الرجل فيما قال إلا في حديثه عن الدنيا، فإنها مطيتنا إلى الآخرة وهي مزرعتنا إلى الآخرة. فلذلك أرجو أن تعملي في الدنيا لما يرضي الله تبارك وتعالى، ومما يرضي الله تجويد العمل الذي أنت فيه، فاحرصي دائما إذا جاءتك مثل هذه الأفكار السالبة أن تحيليها إلى أعمال ناجحة، أعمال مفيدة، وقراءات نافعة وقبل ذلك عبادات وطاعات لله تبارك وتعالى، فإن أحب ما نتقرب به إلى الله هو ما افترضه علينا، والتوقف كما قلت ليس الحل والتعب الكثير فيما يرضي الله مطلوب، ومع ذلك الإنسان ينبغي أن يبذل ما عليه، صحيح لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والحمد لله كل ما فرضه الله وشرعه الله في الوسع، أي أعمال يستطيع الإنسان أن يقدمها.

إذا أخيرا ننصحك بأن تعملي، وتبتغي بعملك وجه الله، تنهضي في الصباح فتؤدي صلاة الفجر ثم تحافظي على الصلوات ثم تجتهدي في دراستك ثم تكوني على صلة بوالديك ثم تنوي الخير وتفعلي الخير، واعلمي أن مثقال ذرة عند الله من الخير لا تضيع، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، فاستخدمي وقتك وحياتك فيما يرضي الله.

ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن طال عمره وحسن عمله.

مواد ذات صلة

الاستشارات