السؤال
السلام عليكم.
عمري 26 سنة، بعد أسبوع موعد عقد قراني على فتاة صالحة تعرف بالدين والجمال، لكني أعاني من أفكار سلبية نوعا ما، فأحيانا أفكر أني لن أكون حرا بعد الزواج كما اعتدت، وأفكر ببيت الزوجية الذي سيكلفني مبلغا كبيرا من المال، والأمر صعب علي، ولكني سأعمل جهدي لأحصل المال، وخاصة أنني أحارب عائلتي الذين يشجعوني على أخذ قرض بربا.
والأمر الآخر هو ابتلاء زوجة المستقبل بمشاكل في الرحم، مثل endometriosis - pcos، علما أني أحب الأطفال كثيرا، وهذه الحالة تسبب مشاكل في الحمل، ولكني مؤمن أن الأخذ والعطاء بيد رب العالمين مهما كانت الأسباب.
والصراحة أني أريد منكم جرعة من التشجيع والتفاؤل وإبعاد هذه الأفكار الوسواسية، لأن لا شيء يهدأ النفس كالتذكير بالله تعالى، فذكروني وساعدوني أعانكم الله، وبالوقت الذي ستجيبونني فيه سأكون قد عقدت عليها بمشيئة الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي محمد- في موقعك إسلام ويب، وإنا نحمد لله إليك هذا العقد المبارك، ونسأل الله أن يجعلها زوجة صالحة برة تقية نقية، وأن يحصنك بها ويحصنها بك، وأن يرزقك منها البنين والبنات الصالحين والصالحات إنه جواد كريم .
أخي الحبيب: لقد اتخذت القرار الصحيح وفي التوقيت الذي نراه أنسب للشباب، واخترت الفتاة الصحيحة بناء على معايير ذكرتها أهمها الدين والخلق، وزاد فضل الله عليك فكانت في عينك جميلة، وهذا والله فضل الله عليك ومنته، فاحمد الله تعالى على ذلك، واستزده الخير بدوام الشكر له، فقد قال ربي (ولئن شكرتم لأزيدكم)
أخي الفاضل: ما حصلته من مال وما ستحصله هو محض فضل الله عليك، لأنك معان من الله على ما أنت فيه قال صلى الله عليه وسلم:(ثلاثة حق على الله عز وجل عونهم؛ المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف والمجاهد في سبيل الله) واستمع لكلمة نبيك -صلى الله عليه وسلم- وتأملها جيدا (حق على الله أن يعينهم) فاحمد الله على ذلك، واطرد تلك الوساوس التي تريد صدك عن هذا الخير العظيم، فإن أعظم مبتغى الشيطان أن يحول بينك وبين الزواج، أن يحول بينك وبين المرأة الصالحة التي اخترتها وارتاح لها فؤداك وقلبك، أن يحول بينك وبين ما يحصنك من الوقوع في الحرام، أن يحول بينك وبين أحد أفضل نعيم الدنيا بعد الدين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة).
أخي محمد: أثلج صدرنا ما أنت مقدم عليه، وازداد حين قرأنا أنك لم توافق على أخذ قرض ربوي، وهذا هو الخير الذي وفقت إليه، فما دخل الربا بيتا قائما إلا قوضه، ولا نفسا صالحة إلا أفسدها، ولا أسرة ناشئة إلا أهلكها، ولم لا، وقد روى عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية". رواه أحمد، والطبراني في الكبير، والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح. والربا مدعاة للحرب مع الله كما قال تعالى: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله}، وهو سبب لعدم استجابة الدعاء فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ وهو سبب كذلك للبغضاء والشحناء بين الناس، وسبب لكثير من أنواع الفجور، فالحمد لله الذي سلمك وأعانك.
أخي الفاضل: قديما كانوا يقولون: تزوج صغيرا تحصن، وتنجب ولدا يرعاك في كبرك، ثق أن الله سيعوضك الخير، وسيرزقك السلامة، وما منا من أحد إلا وكان الهاجس الأكبر عنده والمقلق له: هل سأرزق أولادا أم لا؟ هل كذا هل كذا؟ وعلمنا بعد ذلك أن هذه الأسئلة كانت شيطانية ليصرفك عن الخير الذي أنت فيه، فلا تفكر في أي أمر سلبي، ولا تعلق قلبك إلا بربك، وثق في عطاء الله لك، وتذكر: أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن عبدي ما شاء، من ظن خيرا وجدا خيرا، ومن ظن شرا وجد شرا.
نسأل الله أن يمن عليك بالخير، وأن يرزقك الحكمة في التعامل مع الحياة الجديدة، ونصيحتنا لك: التعايش هو سر نجاح الحياة الزوجية، ومعنى التعايش أن تستثمر الخير وأن تتغافل عن الزلات، فليس هناك امرأة كاملة كما أنه لا يوجد رجل كامل، فاتفق مع زوجتك على الأصول، وبالود والحنان والتفاهم ينقلب السوء حسنا ويصير المختلف مؤتلف.
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير، والله الموفق.