السؤال
السلام عليكم.
والدي ووالدتي يهينانني كثيرا، رغم أني أكبر إخوتي، وأرى إخوتي على خطأ كبير، وأبي وأمي كثيرا المعاصي ولا أريد أن أبغضهما، ولكن أمي تحديدا كثيرة الدعاء علي بدون سبب، وهي تعلم ظروفي المادية القاسية جدا.
وأبي وأمي يحضران الدجالين للاطلاع على الغيب، وقراءة الفنجان، وغير ذلك من الأمور، ودائما أبي سلبي لا يهتم للمشاكل التي قد تحدث بيني وبين إخوتي، علما أنه يحل مشاكل الغرباء.
ويحولان حياتي الأسرية إلى جحيم بافتعال المشاكل وتوليد الكراهية والبغضاء بين الناس، ماذا أفعل؟ كثيرا ما أدعو لهما وأتصدق بنية أن يهديهما ربي إلى الصواب والرشاد، ولكنني تعبت جدا، فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: بدا من حديثك أنك لا تريد معصية الله، ولا تسعى لذلك، وهذا الحرص منك يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكون كما قلنا وزيادة.
ثانيا: لا يخفاك أن بر والديك واجب عليك، أمر بذلك الله عز وجل وجعل برهما طريقا لمرضاته، ولم يشترط لبرهما شيء على ما سنبينه في النقاط التالية:
1- اعلم -حفظك الله- أن البر طاعة مستقلة بذاتها لله تعالى ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا)، وقال تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا)، وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل قال: إيمان بالله ورسوله ثم بر الوالدين " والأحاديث في ذلك كثيرة وليس فيها مقابلة أو عوض، بمعنى ليس فيها أن الطاعة مقابل النفقة أو مقابل الود أو مقابل الصلاح، بل البر مطلق عام حتى لو أرغماك على الكفر عياذا بالله تعالى قال الله: ﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ۖ وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ۚ إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ﴾، فانظر -يرعاك الله- مع أن الوالد يدفع ولده للكفر بالله إلا أن الله يأمره بمصاحبته بالمعروف مع عدم طاعته في الشرك.
2- طاعة الوالدين واحترامهما كذلك سبب لدخول الجنة كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. صحيح مسلم.
3- طاعتهما والتودد لهما شكر منك إليهما لأنهما سبب وجودك في هذه الدنيا، وهو أمر من الله حيث قال: (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير).
4 - كما أن البر دين أخي الكريم، فإن بررت رزقك الله بمن يبرك، قال الله تعالى : (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
ثالثا: أهلك كما ذكرت على معصية ونوع من الشرك، وهذا يوجب عليك كثرة التودد لهما والنصح المشوب بالمحبة والحرص عليهما ، ويمكنك أن تفعل ما يلي:
1- أن تبحث في كل أقاربك أو أصحاب والديك فتنظر في أكثرهما حبا لهما، وقبولا كذلك عندهما، واطلب منه أن يحدثه وأن يعلمه أو يساعدك في ذلك بالمعروف والقول الحسن.
2- لا تقطع نصحهما وتخير الوقت المناسب، وأفضل الأوقات ما كان بعد خدمتهما أو مساعدتهما في أمر يحتاجان إليه.
3- انظر في الدعاة الذي يرتاحون إليهم أو يسمعونهم وخذ من كلام العلماء هؤلاء ما يصحح عقيدتهما أو يقلل الشر على الأقل.
4- لا تمل النصح ولا تخرج عن دائرة الأدب والبر حتى ولو لم تجد تقدما، فإن إدمان طرق الباب مؤذن بالخير -إن شاء الله-.
وأخيرا: اعلم أنك مأجور على ما تقوم به من فعل الخير لهما، ومن الدعاء والصدقة عنهما، استمر في ذلك ولا تكسل ولا تجعل الشيطان حائلا بينك وبين برهما.
نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك وأن يصلح والديك، والله المستعان.