السؤال
السلام عليكم.
أود أن أخدم المسلمين، بداية بوالدي اللذين تجاوزا 70 من العمر والمقربين، والناس عموما، لما في ذلك من الأجر، ولما يدخله ذلك على قلبي من إحساس بالإنجاز والرضى و السعادة.
أنا الآن موظف حكومي، فبعد عشر سنوات من الخدمة تقريبا، وجدت نفسي قد اعتدت على أمور لا تساعدني على اغتنام عمري الاغتنام الجيد، فأجواء الوظيفة تشجع على الكسل والتراخي وعدم الاكتراث وعدم الإبداع، وتربي الفرد على التطبع مع عدم الإنتاجية، وهذا الأمر أعتبره خطرا كبيرا ليس علي فقط، بل على المسلمين الذين هم على شاكلتي والناس كافة.
أنا متزوج وأب لثلاثة أطفال -ولله الحمد والمنة-، مما يجعلني أفكر مرتين قبل أن أقدم على أي خطوة قد يكون لها تأثير سلبي على مردودي المالي، علما أن تخصصي هو الترجمة وحاولت للمرة الرابعة أو الخامسة من أجل الخروج من الوظيفة إلى المجال الحر -التجارة تحديدا-، لكنني لم أتوفق إلا جزئيا، وقلت لنفسي سأعطي لنفسي آخر محاولة -بإذن الله- خلال سنة ونصف إلى سنتين، فإن لم أتوفق خلالها أرشح نفسي لمناصب المسؤولية الإدراية، نظرا لأنه سبق لي الاشتغال لمدة تفوق 7 سنوات في مهمة مرموقة إداريا -بدون مسؤولية رسمية-، وانتقلت منه إلى مكان آخر يعطيني الوقت الكافي للعمل من أجل الانتقال من الوظيفة الحكومية إلى المجال الحر.
أنا الآن في السنة الخامسة بعد انتقالي، ولم أتوفق إلا جزئيا خلال المحاولة 5 سنوات، وتوقفت بعدها لمدة، ولكنني واثق في رحمة الله العظيم وكرمه.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحقق لك مرادك، وأن يجعل فيه الخير والنفع للمسلمين.
أخي: لقد أسعدتنا رسالتك، وإنا نحمد الله إليك هذه النية الصالحة الطيبة تجاه أهلك وأرحامك والناس، وهذا يدل على خير أنت عليه، وإنا نسأل الله أن يرزقك الأجر بالنية، ماذا نعني الأجر بالنية يا أخي: نريدك أن تتنبه لحديثنا هذا جيدا.
من رحمة الله بالعبد أن جعل العزم التام على الفعل إذا صاحبه فعل أو مقدمات فعل أن ينزل الله صاحبه منزلة الفاعل على الحقيقة، في الترمذي ومسند الإمام أحمد من حديث أبي كبشة الأنماري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنما الدنيا لأربعة نفر:
1- عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي في ماله ربه، ويصل به رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأحسن المنازل عند الله.
2- وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، وهما في الأجر سواء.
3- وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما، فهو لا يتقي في ماله ربه، ولا يصل به رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأسوأ المنازل عند الله.
4- وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، وهما في الوزر سواء".
فانظر -يرعاك الله- كيف النية الصالحة رفعت صاحبها دون أن يفعل ما أراد، وكذلك السيئة أودت بصاحبها دون أن يهوى إلى ما أراد، وهذا يبين لك عظيم فضل الله ورحمته، لذا ننصحك بأن تنوي الخير كل يوم، وأن تسعى في ذلك على قدر جهدك، ولا يهمك بعدها أنجزته أو نصفه أو بعضه أو لا شيء منه، المهم أنك نويت وبادرت، والله يعطيك الأجر كأنك أتممت وفعلت.
بالنسبة للوظيفة -أخي- فنحن نوافقك الرأي في أن بعضها يفعل ذلك، لكن ليست كل الوظائف، وليس كل موظف، ولذا نحن ندعوك إلى محاولة الابتكار وأنت في عملك، خاصة وأنت تحتاج إلى الراتب، فلا تجازف بترك وظيفتك ولا تكسل عن مرادك، وإذا وجدت التعارض واضحا، فخذ إجازة بسيطة لا تؤثر عليك ماديا، ومارس ما أردت من عمل، فإذا وجدت الكفاية فاتخذ القرار بعد الاستشارة والاستخارة، وإذا وجدت العكس فما ضاعت وظيفتك، ومع ذلك لا ينبغي أن تضعف همتك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، والرفعة والإحسان، والله ولي التوفيق.