السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي سؤال بخصوص علاقتي مع صديقي، فقد تعرفت عليه منذ 6 سنوات وحدثت بيننا مواقف فأصبحنا كالأخوان أكثر من الأصدقاء، وهو من عائلة ملتزمة، ووالده قتل وهو يقول الحق ويدافع عن الدين، وأنا ملتزم، وقد وفقنا الله ودخلنا كلية الطب، وإذا أخطأت أنا أو هو أخطأ ننصح بعضنا، ونتقبل النصيحة، ولا توجد بيننا خصوصيات أو أسرار، وحتى أغلب الأعمال نفعلها سويا، كتوزيع المساعدات على المحتاجين، وزيارة الأصدقاء والمرضى، ونسعى جاهدين لإرضاء الله، وكثير من الناس يقولون لنا أنتما متشابهان حتى في التفكير، وفعل أغلب الأمور، وخاصة وقد تعاهدنا على عدة أمور، مثل ترك الموسيقى حتى التي تظهر قي الإعلانات على الإنترنت، وكذلك ترك تحميل البرامج والألعاب المنسوخة، حتى أننا عندما دخلنا مجال الطب دخلنا بنية مخلصة لله تعالى فقط، لا لمال أو سمعة أو جاه، وكذلك تعاهدنا منذ 6 أشهر أن نصلي الفجر جماعة في نفس المسجد، والذي يستيقظ أولا يتصل على الآخر ليوقظه، والحمد لله لم نضيع سوى أيام معدودة لمرض لو لحاجة ضرورية.
ولكن المشكلة إذا جاء يوم ولم ألتق به أحس بالقلق، وكذلك مرة أو مرتين لا يأتي للصلاة فأقلق وأحس بضيق في صدري، وحتى لم أركز في الصلاة جيدا، فهل هذا الشيء طبيعي؟ وأنا خائف أنني قد فعلت الحرام بتعلقي به، وخاصة أنني سمعت من يتعلق قلبه بغير الله تفسد عقيدته، فهل تعلقي بهذا الشخص صحيح؟ وهل يوجد إشكال شرعي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظ أخوتكما وأن يجمعكما على الخير والصلاح والتقى والعفاف، إنه جواد كريم.
أخي الكريم: من أعظم روابط الإخاء وأقواها: الحب في الله، وقد جعلها سبحانه أوثق عرى الإسلام والإيمان، فقال -صلى الله عليه وسلم - :( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل )، وبين صلى الله عليه وسلم أنها طريق العبد إلى اكتمال الإيمان: ( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ).
ولها لذة يستشعرها صاحبها، وقد ذقت طرفا منها، فقد قال- صلى الله عليه وسلم -: ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )، والفضل بينهما عند الله لأكثرهما محبة لأخيه قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه).
وفوق كل ما ذكرنا فهما في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن من بين السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ( رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) أخرجاه في الصحيحين.
والمحبة في الله هي المحبة الدائمة الباقية إلى يوم الدين قال سبحانه :{ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } (الزخرف: 67، وقد روى الترمذي أن أعرابيا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ( المرء مع من أحب ).
وقد تعاهدتما على الخير والصلاح والرشاد، وهذا خير وفضل عظيم، بقي أن نفهم أن الشيطان لن يسلمكما، ولا بد أن يدخل بينكما من يقوض هذه المحبة، ومن هذا المداخل: هذا القلق المتزايد عليه والذي وصل إلى حد التفكير فيه حتى في الصلاة، ثم يجمع بين التفكير فيه وضرر ربما أصابه أو حادث وقع له كل هذا لأجل أن يحزنك، فلا تحزن ولا تهتم، واستعذ بالله من ذلك، ورد كل الأمور إلى حكمة الله البالغة، وإلى تسليمك بقضاء الله.
على أن هناك تفسيرا آخرا لهذا القلق، وهو الخوف من داخلك أن تفقد الأخ الوحيد الذي يعينك على الطاعة، فعدم وجود أخ غيره ربما يدفعك إلى هذا الشعور، وفي كل الأحوال: إيمانك بالله وحكمته البالغة بصرف عنك هذا الخاطر.
أما الحديث عن العلاقة بين المحبة وفساد العقيدة فهذا بعيد عنكما، إذا أصل المحبة بينكما قائمة على طاعة الله، فلا تقلق ولا تهتم، ونسأل الله أن يديم أخوتكما وأن يصلحكما، والله الموفق.