السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أولا: جزاكم الله كل خير.
يؤسفني أن أخبركم أني عشت طفولة صعبة، وهذا الشيء أثر على فترة شبابي، وها أنا اليوم أعاني بشدة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
علما بأني لم أنشأ على الشجاعة والرجولة، عند ما أرى شخصا كبيرا، سواء من عائلتي أو من الخارج يفعل معصية أو ذنبا، لا أستطيع أن أقول له أو أنصحه، لأني أخاف جدا، وبنفس الوقت ألوم نفسي لأني أسكت عن الباطل وأتذكر دائما أنه باطل إذا رأيت منكرا، ولا أغيره.
أرجو أن تساعدوني في هذا الأمر، جزاكم الله كل خير، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.
أولا: نشكر لك حرصك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا علامة على حسن ديانتك، ووجود الغيرة على الدين في قلبك، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، فدل هذا على أن وجود الدافع والرغبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دليل على وجود الإيمان في القلب.
اعلم – أيها الحبيب – أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر مرتبط بالقدرة، وهناك قدرة علمية، بمعنى أنك لا تنكر إلا ما تعلم أنه منكر، وهناك محرمات معلومة لدى كل الناس – العالم وغير العالم – فإذا رأيت شخصا يفعل محرما - من المحرمات المتفق عليها بين المسلمين - ولم يكن لديك خوف من ردة فعل تضرك من هذا الشخص إذا أنكرت عليه؛ فلا ينبغي أن تخاف.
إذا أحسنت عرض ما تريد أن تقوله فإن ردة الفعل ربما تكون أجمل بكثير مما تتوقع، فإن الأصل في المسلمين أنهم يحبون من أحسن إليهم ونصحهم.
نصيحتنا لك أن تبدأ بأن تقرأ في كيفية التعامل مع الآخرين، وتحاول أن تثقف نفسك في الأساليب التي تعرض بها ما عندك من الخير على الآخرين، وأن تجالس العلماء والدعاة والمصلحين، وتحاول أن تستفيد منهم ومن سماع كلامهم وتوجيهاتهم في كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فثقافتك هذه ستورثك قدرة وتغرس فيك القناعة والشجاعة على أن تتكلم وعلى أن تنكر، وما دمت تنوي الخير فأنت بخير، والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.
مما لا شك فيه أن الأقربين أولى بالمعروف من الأباعد، فينبغي أن تبدأ بنصيحة أهل بيتك ومن يليك من الأقارب، وهؤلاء بلا شك لن يضروك، فإذا لم يأخذوا بقولك فإنك لم تتضرر بقولك لهم، فلا ينبغي أن تتردد في نصحهم، ولكن ينبغي أن تتخير أفضل الأساليب وأحسنها، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يأخذ بيدك.