السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أريد الاستفسار عن بعض الأحداث التي تحدث معي، وكنت أرغب برأيكم في هذه الأحداث.
أنا أحب شخصا بشدة، وروحي تتعلق به يوما بعد يوم، وذلك من السنة الماضية، هذا الشخص لا يعرفني ولم نتحدث من قبل، ولكني أعرفه جيدا، وأتابع كل أخباره من مواقع التواصل، هذا بالإضافة إلى أني أدعو الله يوميا في صلاة القيام بأنه إن كان من نصيبي ييسر لي الله الأمر، وإن لم يكن من نصيبي يبعده عني ويخرج مشاعري ناحيته من قلبي، وكنت كل يوم يزيد تعلقي وحبي له أكثر من اليوم الذي قبله، كما أني صليت صلاة استخارة، ودعوت الله، فزاد حبي له أكثر من ذي قبل وارتاح قلبي.
وخلال هذه السنة -خصوصا في شهر رمضان الماضي- كنت أحلم به دائما أحلاما مثل أننا تزوجنا مرتين، وحلم آخر أنه يهديني العديد من الهدايا والمجوهرات، وحلم آخر أني أدخلت يدي في صدره، ومسكت قلبه، فأضاء قلبه نورا أبيض، فابتسم لي بعدها.
آخرها إهداؤه لي باقة كبيرة جدا من الورود الملونة، وهو يبتسم لي والعديد من الأحلام والإشارات التي ورد تفسيرها أنني سأتزوج من أحب عن قريب، والله أعلم.
أريد من فضيلتكم معرفة، هل استمرار مشاعري وتضاعفها يوما بعد يوم بعد صلاتي يوميا ودعائي واستخارتي لله عن هذا الأمر، دليل أني أسير في الطريق الصحيح، وأنتظر فرج الله لي؟ أم ماذا أفعل؟
شكرا جزيلا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
أختنا الكريمة: إننا نحمد الله إليك حرصك على معرفة الحلال من الحرام، ومعرف الدلائل الحقة من الإرهاصات الشيطانية، فإن المرء أحد اثنين:
إما أن يتعلم دون أن يزل قدمه، وذلك بالسؤال.
وإما أن يتعلم بالتجربة والألم في الأخير شديد، والعاقبة فيه وخيمة، والإصلاح بعد ذلك ضئيل.
أختنا الفاضلة: قبل أن نجيبك لا بد أن نقعد قاعدتين هامتين:
القاعدة الأولى: قضاء الله وقدره خير للعبد من إرادته ومحبته. هذه القاعدة -أختنا- تريحك؛ لأن الله يعلم ما لا نعلم، ويختار لعبده الصالح الخير الذي يصلحه ويسعده، وقد تعلمنا أن المرء قد يحب الشر يحسبه خيرا ويرفض الخير يحسبه شرا، وهذا بعض قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
القاعدة الثانية: أن من قدره الله لك زوجا معلوم من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، وما سيقضيه الله في وقت سيأتي في الوقت الذي حدده الله عز وجل، فلن يعجل بالقدر رجاء كما لن يؤخره أحد، ويسعك في هذا أن تذكري حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(فرغ الله تعالى من مقادير الخلق، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).
هاتان القاعدتان سلوى كل مؤمن وصالح؛ لأنه يعلم أن الخيرة في قدر الله لا في غيره.
ثانيا: قد ذكرت أنك أحببت شخصا لا يعرفك، ولم تتحدثي معه مطلقا، وهذا الشخص أحد رجلين:
1- إما رجل صالح طائع لله عز وجل، فجذبك إليه تدينه.
2- وإما غير ذلك، لكن فيه صفات جذبتك إليه، لكنها بعيدة عند التدين كأصل، كالوسامة أو الشجاعة أو الكرم أو غير ذلك، فليس الدافع إليه التدين ابتداء.
وعليه فإذا كان الشاب من القسم الثاني، فقولا واحدا هذه مكايد شيطانية يريد منها أن يعلق قلبك ويغلقه عن أي قادم، ويشغل تفكيرك ويصرفه عن تذوق حلاوة الإيمان، ويعمد الشيطان ساعتها إلى مثل هذه المنامات ليرسخ هذا المعنى السيء فيك.
وإذا كانت الثانية: فقد تحتمل رؤيا صالحة، وقد تحتمل العكس، نعم أختنا، فقد علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الشيطان قد يأمر العبد بالسنة ليضيع عليه الفرض، وقد يأمره بعمل خير في جوفه الشر، وعليه فقد يحبب الشيطان إلى المرأة: شيخا، أو عالما، أو مفكرا صالحا يعلم قطعا أن الاقتراب ضعيف ليشغلها عن خير قادم، أو عمل صالح.
وأيا كان الأمر فما الواجب على المسلمة فعله في مثل هذه الحالة:
1- الدعاء أن يرزقك الله هذا الرجل-إن كان صالحا- وأن يجعله زوجا لك إن كان فيه خير لك، واضبطي الدعاء بهذا الكلام (إن كان فيه خير لي)؛ لأنه ليس كل صالح يصلح لكل فتاة.
2- التوقف فورا عن متابعة هذا الشاب، أو تتبع أخباره، وقد تعلمنا أنه لو كان من قدرك سيأتيك دون أن ينجرح قلبك، أو ينشغل فؤادك، أما الاستمرار فهو عذاب لك، وفوق ذلك يبعدك رويدا رويدا عن الاستقرار النفسي والاجتماعي.
3- إذا أتاك خاطب ووجدت فيه دينا وخلقا، فلا ترديه، ولا تجعليه في مقارنة مع وهم، نعم -أختنا- وهم، وليس حقيقة، الخاطب الذي يطرق الباب حقيقة وغيره وهم.
لماذا نقول لك ذلك؟ هل تذكرين أول حديثنا عن المعرفة، حين ذكرنا أن هناك من يعرف بالسؤال، ومن يتعلم بعد التجربة! نعم ذكرنا لك هذا لسؤال مشابه لفتاة صالحة أحبت رجلا لا يعرفها ولا تعرفه إلا عن طريق الوسائط التعريفية، ثم تقدم إليها الخطاب، وكان منهم طبيب، وأستاذ جامعي، وصيدلي بارز، وغيرهم وكانت ترفضهم جميعا منتظرة هذا الوهم الذي جسده الشيطان لها في المنام زوجا، حتى إنها رأت في منامها أنها ستنجب منه تسعة أولاد، وصلت الفتاة منتصف الثلاثين، ثم علمت أن من كانت تحبه تزوج، وأنجب، ويعيش حياة سعيدة، وفي المقابل لم يعد أحد يطرق بابها، والحزن المخيم عليها لا يوصف، ولا يحد، وصدق من قال: من لم يعتبر بغيره، اعتبر به غيره.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك، والله الموفق.