الرهاب والحساسية عند التفاعل مع الآخرين

0 370

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا لما تقومون به من عمل ليس بالسهل، وهو مساعدة كثير من المرضى أمثالنا، أدعو الله أن يرزقكم الفوز بالدنيا والآخرة إن شاء الله.

لقد تعرفت على موقعكم هذا قبل شهرين تقريبا، حيث تصفحت الموقع كثيرا، ونظرت إلى الاستشارات المتعلقة بمرضي وهو (الرهاب الاجتماعي) استفدت استفادة كبيرة من الاستشارات، لولا الله ومن ثم استشاراتكم لما بدأت التفكير بجدية لمواجهة المرض.
في البداية أنا شاب عمري 23سنة، وأنا الآن أدرس الطب السنة الأخيرة، أدرس خارج بلدي، ومن صفاتي أني طيب وأجامل كثيرا، لا أغضب أحدا، ولا أخبر أحدا بما في نفسي، أكتم مشاكلي، والكل يحبني.
أرجو أن تتحملوني حيث تصلكم رسائل كثيرة مثل رسالتي، فمنذ صغري وأنا خجول إلى أن تخرجت من الثانوية بدرجة امتياز، ثم دخلت كلية الطب خارج بلدي، وزادت مشكلتي في البداية، وذلك لتعرضي لبيئة أكبر وهي الجامعة والاختلاط بالجنس الآخر، حاولت التأقلم ظننت أنه خجل بسيط، حالي كحال زملائي، كنت أنسحب بسرعة إذا أحسست أني لا أستطيع تحمل الموقف، وكنت أنسحب بطريقة لا أحد يحس أني خجول، لم أخبر أحدا عن هذه الصفة، وذلك حتى لا ينتبهوا إلي وتزيد أنظارهم علي عندما أقوم بأي عمل.
تذمرت كثيرا من المواقف بالابتعاد والانسحاب، ولكن في بعض المرات التي يجب أن أقوم فيها بشرح موضوع أمام سبعة من الأشخاص مع الدكتور المسؤول، فكنت أشرح بطريقة أجعلهم ينظرون إلى الأغراض التي أحضرها عوضا عن النظر إلي، وذلك كان يريحني، كنت أتهرب من الحضور إلى الجامعة في أكثر المرات، ثقتي بنفسي منعدمة، أعاني من حب الشباب والذي يزيد انعدام الثقة لدي.

قبل سنتين بدأت الفاجعة، تعرضت لموقف شديد كسر ظهري، وقتها كان وجهي خاليا من حب الشباب فكنت واثقا من نفسي (كنت أظن أن سبب الخجل هو حب الشباب) كنت سأتكلم أمام زملائي لشرح أحد المواضيع الدراسية، وإذا بي أرتجف وأتعرق ويحمر وجهي، وكنت أتمنى أن تبتلعني الأرض، انسحبت ولكن لا أعلم هل لاحظوا ذلك أم لا، بعدها مباشرة عندما رجعت إلى سكني، ارتفعت درجة حرارتي من كثرة التفكير والحزن والبكاء، ومن ذلك الوقت إلى الآن وأنا منعزل.

سريع التأثر عاطفيا، فاقد الأمل، حتى عندما آكل الطعام أرتجف، لا أستطيع عمل أي شيء يحتاج إلى تركيز لأنني أرتجف، لا أقدر مسك إبرة، حتى أني أتغيب عن الجامعة وعن المستشفى، لا أدري ماذا أفعل! لا أحب أن أقول لأحد، أصبحت أفكر بمشكلتي كل ثانية في اليوم، من النهار إلى الليل حتى نومي تدهور.

والمشكلة العظمى أن مهنتي المستقبلية تتطلب التعامل مع مرضى، والوقوف أمام دكاترة وشرح مواضيع، وعمل عمليات، أو عمل وخز للإبر وغيرها، وأنا على وشك التخرج وأحب مهنة الطب، وأريد الإبداع فيها، ولكن لا أستطيع عمل أي شيء، وكذلك بالنسبة للزواج، أريد الزواج ولكن لا أستطيع.

قبل سنة اكتشفت أن ما عندي هو مرض، عندما أخذنا مادة الطب النفسي بكليتنا فرحت لهذا، ولكن إلى الآن لم أفعل شيئا حيال ذلك، ولم أذهب إلى دكتور نفساني.

بفضل الله ثم بفضلكم والاستشارات التي قرأتها قررت أن أفعل شيئا.

استفساراتي:
1- ما هو تعليقكم على حالتي وهل ممكن أن تخف بالعلاج؟
2- أعاني من أعراض حتى عندما أكون وحدي، لا أعلم هل هي بسبب الرهاب أم بسبب عضوي (رجفة باليدين خاصة عندما أمسك إبرة أو أي شيء يضيق تنفسي، وأحس بضربات في القلب).
3- قرأت عن دواء الزيروكسات، ولكني متخوف من الأعراض الجانبية وهي الرجفة وعدم الانتصاب، حيث أني أعاني من رجفة باليد، وأخاف أنها تؤثر علي، أحس أن هذه الأعراض الجانية للدواء ستزيد من حالة الرهاب عندي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وجزاك الله خيرا على رسالتك وعلى ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.
الحمد لله، الآن أنت في السنة النهائية في كلية الطب، وأنت على أعتاب التخرج، وهذا في حد ذاته يجعلنا نثق كثيرا في مقدراتك، فأنت إن لم تكن أهلا لما وصلت إليه، قطعا لم تكن ستصل إليه، وذلك بالرغم مما ذكرته من صعوبات ومخاوف وتوترات.

يظهر لي أنك حساس بعض الشيء، خاصة فيما ذكرته نحو التفاعل مع الآخرين، وظهور حب الشباب وخلافه، ولا شك أن حب الشباب يمكن علاجه، وهو ظاهرة طبيعية جدا، وليس من الضروري أن تترك أثرا سلبيا عليك.

كما ذكرت لك أنت الآن في عام الإنجاز، وفي العام الذي تريد أن تحصد فيه ثمار جهدك ومثابرتك في التعليم، عليك أن تتذكر ذلك، وهذا إن شاء الله يجعل لك دافعا وقوة ومقدرة على الاندفاع وعلى الاجتهاد وأن تكون أكثر تركيزا في دراستك.

للإجابة على أسئلتك :

أولا : السؤال الأول: حالتك أرى أنك تعاني من نوع من الرهاب البسيط، ولم يصل والحمد لله للدرجة الشديدة، كما أنك حساس وتراقب نفسك كثيرا، هذا هو الذي أراه في حالتك، وأنا على ثقة كاملة وتامة أنها سوف تخف وتنتهي تماما إن شاء الله بتناول العلاج.

وحقيقة هذا يجعلني أذهب إلى إجابة السؤال الثالث مباشرة، وهي أن عليك أن تبدأ في استعمال الدواء مباشرة، فالزيروكسات من الأدوية الممتازة والفعالة والسليمة جدا، وما ذكر عن الانتصاب والرجفة هذه أعراض تحدث لقلة قليلة جدا من الناس، وليس في عمرك بكل صدق وأمانة، كما أنها تحدث مع الجرعات الكبيرة، ولمدة العلاج الطويلة.

كل الذي تحتاجه أنت هو أن تأخذ الزيروكسات بمعدل نصف حبة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم يمكن أن ترفعها إلى حبة واحدة، وتستمر على هذه الجرعة لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك تخفضها إلى نصف حبة لمدة أسبوعين أو ثلاثة حتى تتوقف عنه، جرعة بسيطة ومؤثرة وجميلة جدا، ولا تؤدي إلى أي ضرر، فأرجو أن لا تحرم نفسك من نعمة العلاج، فأنت محتاج الآن للتركيز وإلى الاسترخاء والاستقرار، فأرجو أن تبدأ في العلاج مباشرة، وأنا أطمئنك تماما بسلامته وفعاليته.

بالنسبة للسؤال الثاني، لا شك أن الرهاب والقلق يؤدي إلى رجفة باليدين، ولكن ليس بصورة مستمرة.

نوع الرجفة التي تأتي مع نشاط مثل مسك الإبرة مثلا، هذه مرات تكون لأسباب أسرية، أي نراها توجد لدى بعض الأسر، وربما تلعب الوراثة دورا في ذلك، وفي بعض الأحيان ربما تكون ناتجة من زيادة إفراز الغدة الدرقية، هذا احتمال ضعيف، ولكن أرجو أن تتأكد، وحيث أن فحص الغدة هو فحص بسيط، فأرجو أن تقوم بذلك، خاصة أنك تعاني من ضربات في القلب أيضا، وصدقني أن هذه الأعراض إن شاء الله سوف تختفي تماما باستعمال الزيروكسات.

وإذا كانت الضربات مزعجة جدا والرجفة كذلك، فيمكنك إضافة دواء آخر يعرف باسم فلونكسول، أرجو أن تأخذه لمدة شهر واحد بجرعة نصف مليجرام أي حبة واحدة في الصباح، فهو أيضا بسيط ومفيد وقليل الآثار الجانبية.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وعليك أن تجتهد، ونسأل الله أن نراك طبيبا متميزا، وناجحا في حياتك.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات