الرومانسية بين الزوجين .. المبالغة والاعتدال

0 495

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 26 سنة، متزوج منذ سنة، وزوجتي عمرها 23 سنة، أواجه مشكلة، وهي أن زوجتي تطالبني دائما (بالرومانسية)، والمشكلة أنني لا أستطيع ذلك، لأني لم أتعودها، ولا أستطيع حتى أن أتصنع (الرومانسية)، وفي المقابل هي تعتبرني عمليا وواقعيا أكثر مما يجب، فأنا دائم الانشغال في عملي، وعندما أعود إلى البيت أكون متعبا، وهي تكون تنتظرني، وتطرح علي وابلا من الأسئلة، وهي تحب الجدل كثيرا، وغالبا ما أحاول أن أختصر فينتهي النقاش بمشكلة.

كيف أستطيع أن أخفف من رومانسية زوجتي؟ أو أن أخفف من واقعيتي؟ أو كيف أستطيع أن أنسق بيني وبين زوجتي دون التغيير؟ حياتنا معا صعبة جدا، وغالبا ما نكون على خلاف.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن السنة الأولى من أصعب السنوات على الأزواج؛ لأن كل طرف يحاول أن يسحب الشريك إلى برنامجه ونمط حياته، والسعادة تتحقق إذا قدم كل طرف بعض التنازلات، ليكون اللقاء في المنتصف، وهذا الذي تفعله زوجتك من كثرة الكلام والأسئلة طبيعي عن النساء، فالمرأة تعبر عن ذاتها وتظهر عواطفها وتجدد مشاعرها بالكلام، وتسعد إذا وجدت رجلا يستمع إليها ويتفاعل معها، ولكن هذه الزوجة تخطئ باختيارها لهذا الوقت الذي يحتاج فيه الرجل إلى شيء من الراحة، والصواب أن تهدأ عند منامك وتبتسم عند طعامك، ومن واجبك أن ترد المعروف بمثله، فلا تحرمها من الكلمات الحانية واللمسات الراقية، وعبر لها عن مشاعرك، واعتذر لها بلطف إذا كنت متعبا، ولا أظن أن القبلة واللمسة تكلفك شيئا، وهي عند المرأة مهمة جدا.

وقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم ضحاكا بساما في أهله، يبدأ بالسواك، ويقترب من زوجته من غير مسيس، فيقبل ويدخل البهجة على أهله حتى يأتي لصاحبة النوبة فيبيت عندها، وكان عليه صلاة الله وسلامه رغم مشغولياته العظام ومهامه الجسام، يعطي أهله حقهم، وقد كان يستمع لأمنا عائشة -رضي الله عنها- وهي تذكر له حديث أم زرع الطويل، وهو يستمع ويتفاعل ويقول لها بلطف وحنو: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك) عليه صلاة الله وسلامه.

ونحن -ولله الحمد – لم نتعود على الرومانسية المحرمة التي يصطاد بها السفهاء الفتيات، ويوقعوهن في شراك الموبقات، لكنك بعد الزواج يجب أن تتدرب على الغزل الحلال، وتسعد بسحر زوجتك الحلال، ولا تظن أن ذلك ينافي التقوى والوقار، واعلم أنها قصرت طرفها عليك من دون الرجال، فأدها حقها وذكرها بطاعة الكبير المتعال، ونور دارك بالتلاوة والأذكار وعاونها على البر والتقوى.

ولابد من التدرب على الملاطفة والمداعبة لزوجتك، ولو على سبيل التصنع، حتى يتحول الأمر إلى عادة وممارسة، وسوف تجد آثار ذلك في حياتكما، واعلم أن للعمل والجد وقته، وللهو والمرح وقته، فكن مستمعا جيدا، ولاطفها وأدخل السرور عليها، فإنك تؤجر على ذلك، وسوف يتغير الوضع عندما يرزقكم الله بالأطفال، وعندها سوف ينصرف جزء من عواطفها واهتمامها إلى أطفالها، وتلك أزمات يتململ فيها كثير من الرجال.

فسدد وقارب، وأتمنى أن تخفض من واقعيتك وجديتك، فإننا في زمان الفتن الذي تعرض فيه العواطف المحرمة على الشواطئ وفي الشاشات، ونسأل الله أن يكفينا بحلاله عن الحرام.

ولا داعي للقلق، وسوف يتغير الوضع ويتحقق الانسجام، فاتق الله في نفسك وأهلك، ولا تمنح سرك لغيرك، ولا تحرم زوجتك البسمة المشرقة واللمسة الحانية، والكلمة الحلوة، بل ومن النظرة المعبرة، فللعيون لغة تدل على ما وراءها، وأرجو أن تجرب وسوف تجد النتائج التي تسرك وتسعدك، وسوف يتضاعف عملك وإنتاجك، فإن الناجحين في عملهم وحياتهم هم الذين يخرجون من بيوت عامرة بالحب والاستقرار، ولا يتحقق ذلك إلا بطاعة الرحمن، ثم بفهم النفسيات وتعلم فن المعاشرة الزوجية.

وأرجو أن تراجع هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته.

والله ولي التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات