السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 36 سنة، لم أتزوج، وليس لدي أصدقاء حاليا، أجلس وحيدة في منزلي طوال الوقت، وأعاني من مشكلة أرهقتني منذ فترة، وهي العادة السرية، أنا أصلي منذ الصغر لكن عند عمل العادة القبيحة أخجل من ربي، فأترك الصلاة لمدة أسبوع تقريبا، ثم أتوب وأتضرع لله حتى يساعدني على تركها.
أتوب لله وبعد 20 يوما أو شهر، أقع في نفس الخطأ، لا أريد فعل ذلك، فهل الله لا يقبل توبتي لذلك لا أستطع ترك هذة المعصية؟
أرجوكم لا تحكموا علي، ولكن ادعوا لي بالثبات والتوبة النصوح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك العفاف والتقى، والزوج الصالح، إنه جواد كريم.
أختنا: ومن نحن حتى نحكم عليك؟ نحن لا نحكم على أحد، ولا نرى لنا فضلا على أحد، ونعتقد في ذواتنا إن من السائلين من هو أتقى لله منا، فلا ميزة لنا ولا فضل، وجميعنا نريد السلامة، ونسأل الله الإعانة.
أما حديثك -أختنا- عن هذه العادة، فلا شك أنها محرمة، ولن نتكلم عن حرمتها لأنك معترفة بذلك، ونادمة عليها، وأما سؤالك عن التوبة وهل الوقوع في المعصية دليل على عدم القبول؟ فنقول لك: لا تدل المعصية على عدم القبول، بل هي معصية إن تبت منها واتخذت الأسباب الكاملة للوقاية منها كان أجرك أعظم عند الله تعالى، وعليه فإننا نريد أن نضع سؤالا افتراضيا ثالثا، وهو كيف نتخلص من هذه العادة؟ وهنا نود أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: المجاهدة على ترك المعصية عبادة، ولك أجر على المجاهدة، ولذلك نريد ابتداء أن تقولي لنفسك: إنني أتعبد الله بمقاومتي لتلك المعصية، افعلي ذلك وأنت محتسبة الأجر، واعلمي أن الله يفرح لتوبة عبده ويجزل له العطاء سبحانه.
ثانيا: اعلمي أن التغيير قائم، وتستطيعين بعد توفيق الله أن تكوني صالحة بعيدة عن هذا الإثم، فإياك أن يزرع الشيطان فيك اليأس، أو يوهمك أنك غير قادرة على التغيير، أو يخبرك أنك فشلت بعد عشرين يوما.
أختنا: أنت نجحت عشرين يوما في مقارعة الشيطان، ثم في لحظة ضعف له زلت القدم فندمت، فأنت لم تفشلي، أنت نجحت أسابيع، ومن ينجح أسابيع ينجح شهورا وسنين، فلا تنصتي لخطوات الشيطان، واعلمي أن أخطر ما يريد الشيطان زراعته فيك أنك غير قادرة على النجاح، وربما يأتيك كما يأتي معظم الفتيات ليوهمها أن شهوتها غير طبيعية، وأنها مضغوطة، وتحت سلوك نفسي سلبي، حتى يبرر لها هذا السلوك، ونحن نؤكد لك من واقع خبرتنا في الجواب على مئات الرسائل، أن هذا سلوك الشيطان مع كل النساء، فاحذري خطواته.
ثالثا: اعلمي أن الشهوة لا تموت بالعادة السرية، بل تزيد اشتعالا بها، وإننا ندعوك أن تدخلي على موقعنا وغيره، لتقرئي عن أضرارها وإدمانها، فإن القناعة العقلية لها دور في الزهد من المعصية إذا علم اقترانها بالضرر البدني بجوار الشرعي طبعا.
رابعا: إننا ندعوك حتى تتغلبي على هذه الشهوة أن تقومي بعدة أمور:
1- زيادة التدين عن طريق صلاة الفرائض والنوافل، والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل، واعلمي أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، قال الله: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)، فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأداها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.
2- اجتهدي في الإكثار من الصيام، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
3- ابتعدي عن الفراغ عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم، أو المذاكرة، وذلك بالتسجيل في المعاهد والأكاديميات الشرعية والعلمية مثل منصة زاد وغيرها، وبمجرد البحث عنها ستجدين الكثير منها، فالتعلم أصبح متاحا للجميع، ويمكنك كذلك ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم أن لا تسلمي نفسك للفراغ مطلقا، وأن تتجنبي البقاء وحدك فترات طويلة.
4- ابتعدي عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلمي أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام، أو الكلامية، أو أيا من تلك لا تطفئ الشهوة بل تزيدها سعارا.
5- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة، فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، اجتهدي في التعرف على أخوات صالحات من خلال مراكز التحفيظ وغيرها، وتعاهدي معهم على الطاعة، فما مضى من العمر ليس قليلا، والحياة مهما طالت قصيرة.
6- حاولي ألا تجلسي وحدك مطلقا، وإذا كان الشر من الجوال فتجنبي دخول المواقع التي منها المشكلة، ولا تخلدي إلي النوم إلا وأنت مرهقة تماما.
7- كثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وكلما نجحت مدة احمدي الله تعالى، فإن تعثرت فتوبي وابدئي من جديد، ولا يوهن عزمك الشيطان.
نسأل الله أن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه، وأن يغفر لك وأن يسترك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.