السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا بنت، وأبلغ من العمر ٣٠ سنة، وقد أحبني ابن خالتي الذي يصغرني بأربع سنوات، وتقدم لخطبتي على مدار ٧ سنوات متتالية، وأرسل لي الجميع بالموافقة، وكانت والدته تحبني جدا وتتوسل لي لإقناعي، حتى أصبحت ضجرة حزينة، وأصبح الجميع يقنعني به، فاقتنعت وتعرفت إليه ووافقت به، ثم وجدته يحارب نجاحي وشخصيتي، ويتهمني في شرفي، ويتهمني في علاقاتي، يريد كسري وإذلالي، ويضغط علي لترك الملابس والخروج والعمل وطاعته فقط، ويهملني، ويهجرني، ويضربني، ويطعن في شرفي، علما بأني بريئة، وشرحت له كل أموري، وجعلته يطلع على أدق التفاصيل، غير أنه بخيل معي، ويفتخر ببخله.
والدته تكرهني في الحقيقة، وحزنت لأنها تعتقد أني أخذت ابنها، والحرب قائمة ضدي، ويشهد الله علي أني بريئة، وحاولت التفاهم معه، وطلبت منه السؤال عني، وطلبت منه إيجاد عمل مناسب جيد بحسب اعتقاده، وطلبت منه ترك الانتقام والحرب، لكن دون جدوى، ويردد هذه الكلمات (أنت عدوتي، أنا أكرهك، أنا أريد أن أصلحك، أنا دواء أرسله الله لك كي تصلحي، أنت ند لي، أنا مصر على كسر جناحيك وحبسك، أنت تستحقين أسوأ شيء!).
ماذا أفعل؟ أريد أن أفر من هذا الأمر كله، أنا حزينة ومصابة بخذلان عميق وجرح غائر، أريد أن أفسخ الخطبة عاجلا، فما هي نصيحتكم لي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Roj حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
أرجو أن تعلمي بداية أن الفتاة هي صاحبة القرار، وأن من حقها أن تقبل بمن تشاء وترفض من تشاء، فأنت صاحبة القرار، فلا تزعجي نفسك، وحاولي إيصال الفكرة لأهلك، واعلمي أن هذه الحياة لا بد أن تمضي على ارتياح وانشراح وميل مشترك، وأن الحياة الزوجية الناجحة تقوم على الاحترام المتبادل، وما كتب في الاستشارة يدل على أن هذا غائب، ولكن مع ذلك أنت صاحبة القرار، وندعوك إلى دراسة الأمر دراسة شاملة، وقد ذكرت عيوب هذا الشاب، ولم تذكري ما فيه من إيجابيات، والموازنة في هذه الأمور مطلوبة؛ لأن هذا هو الميزان الشرعي، سواء كان للرجال أو للنساء: (إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، (إن كرهت منه خلقا رضيت منه آخر).
وأرجو أن تعلمي أننا لا نخلو من العيوب، فالنقص يطاردنا، وأنت صاحبة القرار، والأمر إليك فانظري ماذا تقررين، ولكن نريدك أن تتخذي القرار على أسس صحيحة، وبعد النظر في مآلات الأمور وعواقبها، بعد أن تشاوري أهلك ومحارمك، بعد أن تتعرفي إلى الفرص المتاحة أمامك، وبعد ذلك من حقك أن ترفضي أو تكملي.
والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، ليس فيها إلزام من أحد على الآخر في شيء، إلا بإنفاذ الوعد إن أراد إكمال الزواج، والإنسان يستطيع أن يخرج منها بحسن أدب، وحفظ على صلة الرحم، فإذا قررت أن تخرجي من هذا الرباط فأرجو أن يكون بمنتهى الهدوء، وباعتذار لطيف، يبقي بعد ذلك العلاقات التي هي صلة الرحم.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح، أكرر: القرار الصحيح هو الذي يكون فيه نظرة شاملة لكافة الجوانب، فيه نظرة لمآلات الأمور وعواقبها ونتائجها، فيه نظر في البدائل المتاحة أمام الإنسان.
نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.