السؤال
السلام عليكم.
قامت أمي بأذيتي كثيرا، ودائما ما كنت أجاهد نفسي لأسامحها، ولكنها تستمر وتتعمد الأذى، حتى وإن نصحتها ترفض وتبدأ في الصراخ أنها لا تفعل ذلك، وأننا نكرهها، أكلمها دائما وكلما احتاجت شيئا وقفت بجانبها، ودعمتها طالما أن ذلك في استطاعتي، ولكنها تظل دائمة الأذى لي بتعمد، حتى أبنائي لا يشعرون نحوها بأي شيء بسبب معاملتها، ولا يريدون زيارتها، وأضغط عليهم لصلة الرحم.
أنا لا أقطعها وأسأل عليها، ولا أقصر في طلباتها، ولكني أحيانا وليس دائما، لا أستطيع أن أتكلم معها بود (رغما عني)، أجاهد نفسي، ولكن في أوقات لا أستطيع بسبب كثرة الأذى منها، وأيضا كلما جلست معها يكون كلامها معظم الوقت بالغيبة والشكوى من أخواتي وأزواجهن، وأيضا أبنائهن الذين هم أحفادها أو من خالاتي، ولا تذكر لهم خيرا، فأعرف داخل نفسي أنها تتحدث عني أيضا بنفس الطريقة، والنصيحة كما ذكرت لا تجدي نفعا.
هل تجنب الحديث معها أو تقليله فيه إثم؟ حيث إن ضرره أكثر بكثير، أخرج من عندها مليئة بالأفكار السيئة، وأبدأ في كره هؤلاء الأشخاص رغما عني بسبب كثرة حديثها السيئ عنهم مهما حاولت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم خالد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك في عمرك، وأن يحفظ عليك دينك، وأن يبارك في أولادك، وأن ييسر لهم طرق البر بك، وأن ييسر لك طرق البر بوالدتك.
الأخت الكريمة: أولا: جزاك الله خيرا على مثل هذا الجهاد في مسامحة والدتك، وحرصك على برها والتواصل معها، وتحريض أولادك على الذهاب إليها، كل هذا يدل على خير فيك، نسأل الله أن يتم عليك فضله، وأن يرزقك برها.
أختنا: أنت أم وتدركين جيدا مكانة الولد في قلب أمه، تدركين تلك العاطفة التي وضعها الله في قلوب الآباء، تلك العاطفة التي تفضل إلحاق الضرر بنفسها عن أن يلحق ضرر بأولادها، تدركين جيدا متى ينبض قلب الأم فرحا على ولدها أو حزنا عليه، نقول لك ذلك؛ لأن تلك المحبة أختنا الفاضلة فطرة وضعها الله في قلب كل أم.
ثانيا: سلوك والدتك معك له أحد تفسيرين:
1- إما أن تكون الوالدة مريضة، أو عندها مشكلة نفسية، أو عندها مشكلة شخصية معك تحتاج منك إلى حديث، أو عندها أسلوب خاطئ لم تستطع تغييره، وهذه كله وارد.
2- أو تكون عندك أنت حساسية زائدة نتيجة سوابق لك سيئة معها، ولعل قولك: (فأعرف داخل نفسي أنها تتحدث عني أيضا بنفس الطريقة) يشير إلى بعض ذلك، إذ مثل هذه الأحكام لا ينبغي أن تبنى إلا على اليقين الجازم.
ثالثا: دعينا نقول إن التفسيرين السابقين معا قائمان، فما الواجب على الأخت المسلمة تجاه ذلك؟ هل هجرها أو تقليل الحديث معها جائز؟
نقول: إن حق الأم عظيم، ولا يسقط هذا الحق بفسادها أو حتى بتحريضها على الكفر عياذا بالله، فالله عز وجل أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) {لقمان:14}.
لكن إذا كان في تقليل الحديث معها ضرورة ملحة لا تكون إلا بذلك، ولا تؤثر على برها ومصاحبتها بالمعروف، ولا ينقص وصلها بما يجب عليك وصلها به كالنفقة في الطعام والشراب والسكن وغير ذلك، فلا حرج، وعليك تقدير الأمر حسب الضرورة مع مراعاة عدم الإضرار بالمصاحبة والبر.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.