بماذا تنصحونني لكي يغفر الله لي ما فعلته من ذنوب؟

0 26

السؤال

السلام عليكم.

بداية أود أن أشكركم على جهودكم، ودائما ما أقرأ الفتاوى في موقعكم.

أنا فتاة، كنت أرتكب الذنوب مثل: (الغيبة، والكذب، وسماع الأغاني والكلمات البذيئة فيها)، ولم أكن أعلم أنها من كبائر الذنوب، وأنا الآن نادمة على ذلك، وبعد أن بدأت الصلاة والصيام تركت كل تلك المعاصي، وبدأت أستغفر الله وأتمنى أن يسامحني على ذنوبي، وأستغفر ربي دائما على ما كنت أفعله، والآن أنا لا أستمع إلى الأغاني التي فيها كلمات بذيئة، وأثق بقوله تعالى: (إن الله يغفر الذنوب جميعا) صدق الله العظيم، وأقرأ القرآن، وعلى وشك أن أختمه، فبماذا تنصحونني لكي يغفر الله لي تلك الذنوب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة المباركة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يمن عليك بالثبات على الحق، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، إنه جواد كريم.

أختنا الكريمة: إننا نحمد الله إليك تلك التوبة، ونشكر الله إليك هذه الأوبة، وهذا فضل الله عز وجل عليك، وهنا لا بد أن ننصحك ببعض النصائح التي نسأل الله أن تكون نافعة لك:

أولا: اعلمي حفظك الله تعالى أن الله يفرح بعودة عبده إليه أشد من فرح العبد بعودته، فقد قال صلى الله عليه وسلم" لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة " والمعنى لو أن رجلا خرج ومعه إبله وعليها متاعه وطعامه وشرابه، ثم ضاع كل هذا منه وأدركه الموت، ثم من بعد الإياس وجدهما كيف يكون فرحه؟
الله عز وجل أكثر فرحا منك بتوبتك، وفرح الله تعالى كما قال أهل العلم رضاه، يقول الإمام المازري:
الفرح ينقسم إلى وجوه منها: السرور، والسرور يقاربه الرضا بالمسرور به، قال: فالمراد هنا أن الله تعالى يرضى توبة عبده أشد مما يرضى واجد ضالته بالفلاة، فعبر عن الرضا بالفرح تأكيدا لمعنى الرضا في نفس السامع، ومبالغة في تقريره.

ولذا عليك ابتداء أن تؤمني بأن الله يحبك، وأن الله قبل توبتك، وأن تعلمي بأن الله يغفر الذنوب جميعا إذا ما توافر في التائب:
- ندم حقيقي على ما قدم.
- ترك للذنب.
- عزم على عدم العودة.
- رد الحقوق إلى أهلها.

ثانيا: وأما بخصوص ما ذكرته من الذنوب، فاعلمي أيتها الفاضلة:
أن الذنوب على قسمين:
ما كان في حق الله تعالى فكفارته: التوبة والندم والاستغفار مع الإكثار من النوافل.

وأما حقوق العباد فما كان منها حقوق مادية وجب ردها إلى أصحابها أو طلب العفو منهم، فإن لم يسامحوا وعجزت تماما عن رد حقوقهم، فقد فعلت ما تقدرين عليه ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها، وقال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن: 16، لكن تضمرين في نفسك عند الاستطاعة رد هذه الأموال، وتلك الحقوق، وإذا علم الله صدقك في ذلك وعلم عجزك مع الإرادة الصادقة، فيردها عنك ويتكفل لك بأصحابها يوم القيامة.

وأما الحقوق غير المادية كالغيبة والنميمة والكذب وغير ذلك، فقال مالك والشافعي: يجب أن تستسمحي أصحابها إن كنت تعلمين من هم، لكن بشرط أن تعلمي أن هذه المسامحة لن تجلب عليك ضررا أكبر، فإن كان فيه ضرر فلا تخبريهم، ولكن في كل مكان ذكرتهم بسوء أعيدي ذكرهم بالخير ما أمكنك، فإن عجزت عن هذا وذاك، فيكفي الاستغفار والدعاء لهم.

ثالثا: وبخصوص عوامل الثبات على الطريق، فننصحك بما يلي:

أولا: لن يستريح ولن يطمئن قلب عبد إلا بالالتزام والتدين، والحرص على ذكر الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، وأما بخصوص الخطوات العملية لذلك، فهي على النحو الآتي:

1- الإيمان العميق: وأعني بذلك تقوية الوازع الديني بكثرة الصلاة، وذكر الله، وقراءة القرآن، وسماع المحاضرات والأشرطة ولو عن طريق الإنترنت، المهم أن تقوي إيمانك بالمعرفة التي يتبعها القلب.

2- الرفقة الصالحة، فإن الرفيق الصالح يذكرك بالله إذا غفلت، ويعينك على الطاعة إذا ذكرت، وقديما قالوا: حدثني من صديقك أحدثك من أنت.

3ـ تجنبي أوقات الفراغ، واجتهدي أن تشغلي وقتك كاملا بالنافع والمفيد، فإن هذا معين لك على عدم وجود وقت للفراغ.

4ـ أخرجي كل وسيلة كانت تقربك من المعصية، واجعلي بينك وبينها حاجزا.

5ـ اجعلي لنفسك وردا دائما من قراءة القرآن، قراءة وتدبرا وفهما، ويعينك على ذلك وجود كتاب مبسط لذلك.

وننصحك أختنا بتفسير الشيخ السعدي، فهو ميسر وسلس، كما ننصحك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعلى الورد العام من الأذكار بصفة عامة، وصلة الأرحام، وزيارة المرضى فإن هذا مما يرقق القلب.

6ـ اجتهدي في الدعاء، واحرصي على لقاء الله في الثلث الأخير من الليل، فإن الدعاء ساعتها مظنة إجابة.

وفي الختام: نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يثبتك، وأن يسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات