الخوف من الموت لا يفارقني بعد وفاة خالتي.. ماذا أفعل؟

0 23

السؤال

السلام عليكم.

مر شهر على وفاة خالتي، وقد كانت مقربة مني جدا، من بعد وفاتها وأنا أفكر بالموت، كل تفكيري بذلك، وخائفة جدا من الموت، دائما كل تفكيري عن الموت والذي يحصل للشخص بعد وضعه في القبر، هل يقعد في قبره بعد السؤال فعلا؟ ويظل مستيقظا ومقفل عليه الباب، أم ماذا يفعل؟ هل يفتح له باب من الجنة يلبس يتمتع بنعيمها؟

من كثرة أسئلتي لنفسي أصبحت أفكر في أشياء أخشى أن أقولها خوفا من أن تحسب عند الله كفرا والعياذ بالله، رغم أني أصلي وأقوم للفجر، وأقيم كل الفروض والحمد لله، وأذكر الله دائما، لكني خائفة من فكرة الموت جدا، لا أفكر في شيء إلا في الموت، لا أستطيع أن أعيش حياتي بشكل جيد، ولا أركز في حياتي، ولا في بيتي، ولا أولادي من كثرة تركيزي وبحثي عن الموت، والشيء الذي يمكن يحصل لي وأنا في القبر، هل الروح ترجع للجسد؟ أم الجسد سيبقى في القبر والروح ستسأل في السماء؟

هناك أناس يقولون إن الروح ترد في الجسد، والجسد يتحلل ويبقى هيكلا عظميا.

أرجو من حضراتكم إرسال رقم واتساب ضروري أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فى عمرك، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يبصرك بطريق الحق وأن يرزقك اتباعه.

أختنا الكريمة: إن هذا التفاعل الإيجابي مع تلك الحادثة التي مر عليها ما يزيد على الشهر، هو أمر طبيعي يحدث مع الجميع، هو شعور إنساني، اجتمع فيه أمران:
- كون المتوفاة -رحمها الله تعالى- خالتك.
- كونها كانت الأقرب لك.
ومن الطبيعي أن تحدث مثل تلك التفاعلات خاصة في الأشهر القريبة من الموت، لكنها تقل رويدا رويدا مع مرور الأيام، فإن من رحمة الله تعالى أن كل شيء صغير يكبر، إلا مصيبة الموت فإن أثرها يكون كبيرا في البداية، ثم يصغر يوما بعد يوم إلى أن يتلاشى، ونسأل الله الكريم أن يرحم خالتكم وأن يتقبلها في الصالحات.

ثانيا: الخوف من الموت ليس شعورا سيئا ولا مخيفا كما يتصور البعض، ومن فهم هذه الحقيقة وعلمها يصبح هذا التفكير -يعني التفكير في الموت- عنصرا إيجابيا في حياته، ويبدأ باستدراك ما عليه، والتوبة من كل إثم وقع فيه، والمحافظة على العبادات بأشكالها المتنوعة مع الدعاء الدائم، وهذا يولد الشعور بالراحة أختنا الكريمة، فإن من يخاف الموت هو يخاف على الحقيقة ذنوبه، وإلا فالصالحون مستبشرون بالموت، ولم لا، وهو اللقاء المنتظر الذي يتمناه كل مسلم، هو اللقاء مع الله، مع النبي صلى الله عليه وسلم، مع الصحابة والتابعين وأمهات المؤمنين، مع أهلك الذين أحببتهم حيث لقاء آخر لا فراق بعده، مع جنة عرضها السموات والأرض، مع نعيم لا ينقطع، مع حياة بلا ألم، مع ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، إنها الجائزة المدخرة لكل طائع لله عز وجل، فلا يخيفك أحد من لقاء الله، ولا يرهبك أحد من الموت، ولا تسمحي للشيطان أن يستغل ذلك فيك.

ثالثا: دعينا نسألك سؤالا نقرب به إليك المسألة: ما رأيك في السفر إلى بلدة لم تعرفي فيها أحدا وتركت مكان إقامتك وأهلك؟ ربما يبدو الجواب سيئا! ماذا لو قلنا إن تلك البلاد فيها من العيش والرغد والنعيم والعطاء ما ليس في مكان آخر؟ ربما احتاج إلى تفكير! ماذا لو قلنا بإن تلك البلاد فيها بعض أصدقاء أمك وخالتك وفيها عمل مؤمن لك، وتستطيعين من خلاله النفقة على كل أهلك وعلى كل مسكين؟ الجواب: أمر جيد ولكن صعوبة السفر والغربة، تحتاج إلى تفكير أكثر، ماذا لو قلنا بأن من يصحبك في السفر ومن يقود السيارة إلى هناك: أبوك؟ نظن الآن الأمر مختلف.

دعينا نقف عند أول جواب وآخره، أول جواب كان الرفض أقرب، وآخره كان القبول أقرب، لماذا هل لأن البلدة تغيرت؟ هل لأنها انتقلت من مكانها إليك؟ أبدا، البلدة مكانها والسفر مكانه، ولكن لما علمت المحفزات وعلمت صحبة أبيك وانتظار بعض أصدقاء والدتك حدث لك الاطمئنان بل ربما الرغبة في الذهاب.

وهذا هو الفارق أختنا بين تعامل الآمن وتعامل الخائف مع الموت، الأول يفكر في لقاء الله، ويعلم يقينا أن الله سيتولاه، وأن الله معه، ويقينه أن الله يحبه أكثر من والديه ومن الدنيا كلها، يبشره بأن كل هذه المراحل التي يقطعها ستكون يسيرة عليه؛ لأنه علق قلبه بمولاه، أما الآخر فلم يستصحب هذا كله، وأخذ يفكر في وعورة الطريق وفي الحر وفي الغربة...إلخ، فأي الفريقين أحق بالأمن؟

أختنا الكريمة: الموت انتقال من حياة إلى حياة أخرى أكثر إشراقا، وأفضل حالا، بل لا تقارن بالدنيا وما فيها من آلام، الدنيا -أختنا- دار حساب أشبه ما تكون بساعة امتحان الثانوية على الطلاب، أما الآخرة فدار النعيم دار الخلود دار عنوانها (ادخلوها بسلام آمنين).

لذلك تعمدنا ألا نجيبك على أسئلتك التى تتحدث عن وعورة الطريق أو مشاقها، وبينا لك طريقة استصحاب النعيم، والعمل له حتى الظفر به.

أختنا: نريدك أن تقرئي معنا هذا الحديث بقلبك: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذ وجدت صبيا في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟، قلنا: لا والله، فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها" متفق عليه.
كرري قراءته كثيرا، حتى ينطبع في ذاكرتك وعملك، حتى تؤمني أن رحمة الله تعالى بك لا تعادلها رحمة في الحياة، وساعتها سيسكن قلبك ويطمئن فؤادك.

نصيحتنا لك: لا تنساقي خلف الشيطان حين يريد أخذك إلى مساحة الغيب، حين يريد أن يخيفك، حين يريد أن يحبطك، حين يريد أن يقذف في قلبك شبهات تافهه، واعلمي أنه يفعل ذلك ليقعدك عن العمل، أو يحملك على اليأس، دعي ذلك كله، وافعلي ما يلي:

1- التفكير في رحمة الله وعفوه لا في وعورة الطريق وشدته.

2- قراءة بعض الكتب في العقيدة والاستماع إلى شرحها المبسط.

3- المحافظة على الأذكار والنوافل والدعاء مع المحافظة بالتأكيد على الفرائض.

4- الاهتمام بالدراسة أو العمل فلا تعارض بين هذا وذاك.

5- مصاحبة الصالحات وخاصة الإيجابيات منهن.

استمرى على ذلك، وستجدين تقدما كبيرا واستقرارا في حياتك.

وللفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (2405159 - 2323709 - 2322784).

وبخصوص رقم الواتس فنعتذر عن ذلك؛ حيث إن الموقع هو الوسيلة الوحيدة للتواصل مع المستشارين.

نسأل الله أن يبارك فى عمرك على طاعته، وأن يرزقك الجنة وما قرب إليها من عمل، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات