السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
المشايخ الفضلاء، عانيت من أزمة قوية، وبفضل الله ثم بالإكثار من ذكر الله، أنعم الله علي وأخرجني منها، وفرجها علي والحمد لله.
مؤخرا لم أخرج من تأثير تلك الأزمة، وبدأت تراودني أفكار غريبة، وشك دائم بكل شيء حتى انتقل هذا الشك إلى عبادتي بين يدي الله، وبدأ لدي شك في الوضوء، شك في عدد الركعات، شك في عدد التسبيحات، وتفاقم الأمر.
أصبحت أقول كلمات أستحيي من ذكرها في بالي، ورغما عني، تصل بي الحالة إلى البكاء من شدة محاولتي لمقاومتها، أستغفر الله طوال اليوم، وطوال اليوم يلازمني ذكر الله، وزادت الوساوس أكثر فأكثر حتى صرت أشك أنها من نفسي، وليس من الشيطان الرجيم.
وصل بي الحال إلى تمني الموت على أن أكون مشركة بالله، والعياذ بالله.
أود -مشايخنا الكرام- أن أسأل وأطمئن، هل علي فيها ذنب؟ وهل آثم؟ وكيف أعالج هذه الوساوس؛ لأني والله لم تعد لي طاقة في الحياة؟
ساعدوني، ولكم أجر كبير في حل همي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إكرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة المباركة- في موقعك -إسلام ويب- ونسأل الله الكريم أن يمن عليك بالصلاح والهداية، وأن يسدد خطاك إلى ما يحبه ويرضاه، إنه جواد كريم.
أختنا أولا: نحمد الله العلي العظيم أن أعانك حتى تخلصت مما أرهقك وأثقل كاهلك، وهذه التوبة وانقشاع ظلمة الوحشة عنك يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكوني أفضل مما نظن.
ثانيا: أما الوسواس، فلا بد ابتداء حتى نتخلص من تلك المعاناة أن نفرق بين ما نعتقد وما يلقيه الشيطان في قلوبنا، هذه التفرقة ستريحك كثيرا فانتبهي لها.
الوسواس أختنا أسلوب من أساليب الشيطان يجتهد فيها أن يشغل المسلم بما لا يعتقده ولا يؤمن به، وعلامة الإيمان أن يجد المسلم كراهية لما يقذف في قلبه، وأن يجتهد في دفعه، وأن يغتم له ويهتم، هذا كله من علامة الإيمان أختنا الفاضلة.
ودعينا نبسط الأمر أكثر:
لو وسوس إليك أحد الناس بأن القرآن كلام الله، أو النبي هو محمد -صلى الله عليه وسلم- أو أن الجنة حق، أو النار حق، هل تجدين قلقا واضطرابا وخوفا وانزعاجا؟ هل تستغفرين الله مما سمعت؟ الجواب: لا طبعا.
السؤال: لماذا؟
الجواب: لأنك مؤمنة بذلك.
وهذا ما نريد أن نوصلك إليه، كل ما يقلقك وكل ما يخيفك، وكل ما تستغفرين الله عليه هو ما لا تعتقدينه، فلا تهتمي ولا تنشغلي، ولا تخشي إثما يلحقك، بل بالعكس أنت مأجورة على ذلك.
أما ما يخص العبادات وما ذكرته عن الوسواس في الوضوء والصلاة، فهذا أمر علاجه ميسور فلا تقلقي، وإنا نحمد الله على هذا الدين العظيم الذي ما ترك لنا شيئا إلا وأوضح لنا طريق الصلاح فيه.
- إذا كان الشك أثناء غسل العضو، فلا بأس من استيعاب غسله مرة واحدة لا تزيدي على ذلك.
- إذا كان بعد الانتهاء فلا يلزم شيء، وليس عليك إعادة، وصلاتك صحيحة.
وبهذا تنته هذه الآفة أيتها الكريمة.
والآن دعينا نعطيك بعض النصائح:
أولا: اعلمي -أيتها الفاضلة- أننا نحن من نضخم شأن الوسواس وكذلك من نهونه، حين لا نفهم طبيعته، ولا نعامله بالتفاهة التي يستحقها.
ثانيا: بيئة الوسواس التي يتنشر فيها هي بيئة التفكير السلبي، وهو يعتمد في ضحيته على أمرين:
- إظهار ضعفها وخوفها وعجزها عن مقاومته.
- إضعاف ثقتها بنفسها ودينها وربها، بل وعالمها وكل محيط بها.
لذا أول ما ينبغي عليك فعله تحويل كل أمر سلبي في حياتك إلى إيجابي، مع ربط الوسواس بالسخف، ولا يكتفي أن يكون ذلك اعتقادا داخليا، بل يلزم التلفظ به، بأن تقولي: هذا وسواس، هذا كلام فاضي، كلام سخيفP هذا نوع من التغيير المعرفي المهم جدا، فحين يستخف الإنسان بشيء فسوف يحتقره، وحين يحتقره سوف يحدث ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، أي أن الوسواس يصبح وكأنه ليس جزءا من حالة الإنسان.
ثالثا: ننصحك بقراءة كتاب مبسط في العقيدة، وننصحك بكتاب 200 سؤال وجواب حول العقيدة كبداية لك، كما ننصحك بسماع بعض الشروحات هنا على موقعنا إسلام ويب.
رابعا: كوني على يقين -أختنا الفاضلة- أن أمر المؤمن دائما إلى خير، وقد بين ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكانت خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكانت خيرا له ".
واخيرا: اهتمي بأذكارك وصلاتك، وافعلي ما قلناه شهرا كاملا، ونرجو مراسلتنا بعدها إن كان عندك أي تساؤل، نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.