السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
جاءتني ابنتي بخبر عن طريق والدتها تمهيدا لفتح موضوع الارتباط (الخطبة) بأحد زملائها في الجامعة، وهي تعرفت عليه منذ عدة شهور.
اختصرت القول في أنها موافقة عليه، وليس لديها مانع، ولا اعتراض على شخصه أو شخصيته، وابنتي في السنة الدراسية الأخيرة، وهو كذلك، ولكن في كلية أخرى بنفس الجامعة.
الحقيقة أن هذا الموضوع كان بمثابة الصدمة بالنسبة لي، فلم يكن هناك في الحسبان أن يتم التعرض لهذا الموقف، ولو في الوقت الحاضر؛ حيث أنها ما زالت صغيرة، وهو كذلك، فأين هم من متطلبات الحياة، ومشاقها ومتاعبها، وخصوصا في هذا الزمن.
بالإضافة إلى أنني لا أعرف أهله ولا أعرف الشاب أيضا، وعلاوة على ذلك أننا -والحمد لله- أسرة ميسورة الحال، من المستوى فوق المتوسط، بفضل الله، ونعيش في رغد من العيش من بيت جميل، وسيارات، وغير ذلك من متع الحياة.
لا أظن بأي حال من الأحوال أن هذا الشاب سيستطيع أن يجعلها تعيش في نفس هذا المستوى، وخصوصا في بادىء حياته، فما زال أمامه عام دراسي كامل، وما زال أمامه أداء الخدمة العسكرية، سنة أو ثلاث سنوات، وما زال أمامه فرصة البحث عن العمل، أي بأقل التقديرات لن يكون أمامه أقل من 3 سنوات، حتى يستطيع أن يفتح بيتا، حتى يقوم بواجباته وحقوقه، إلا إذا أخذ مصروف بيته الجديد من أبيه.
السؤال: كيف الطريق؟ وما هي الوسيلة لإقناع ابنتي، وبهدوء ودون تعصب أو إهانة، أو إجبار على العدول عن هذه العلاقة أو الخطبة، وأنه هو ليس الشخص المناسب، وأنها يجب أن تعطي نفسها الفرصة للحصول على الشخص المناسب، وأن لا تتسرع في أخذ القرار، وتحذر العناد معي ومع أمها ومع نفسها.
علما بأن ابنتي من أصحاب الشخصيات السوية إلى حد ما، ولكنها شديدة العناد والتشدد بالرأي.
أرجو أن تكون الإجابة مدعمة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، وأمثال عربية أو أعجمية، ولكن لها علاقة مباشرة بصميم الموضوع.
أشكركم على سعة صدوركم، وفي انتظار الرد والإفادة، وجزاكم الله خيرا.
ملحوظة: ابنتي كانت تحفظ (27) جزءا من القرآن الكريم منذ صغرها، ولكنها منذ 5 سنوات ماضية لم تكمل الحفظ، ولم تعد علاقتها قوية بكتاب الله كالسابق، ولكنها تداوم على الصلاة والعبادات الأخرى، وهي محجبة منذ نهاية الدراسة الثانوية.
مع خالص الشكر والتحية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أستاذنا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هذه البنت، ونسأل الله أن يقدر لها ولكم الخير ثم يرضيكم به، سعدنا جدا بهذا التميز للأسرة، وبابنتنا -حفظها الله ووفقها لما يحبه ويرضاه- وأيضا سعدنا بهذا الحرص منكم على التواصل مع الموقع لأخذ الاستشارة.
نرجو أيضا أن تتعاملوا مع الوضع بمنتهى الهدوء، ونحب أن نؤكد أيضا أن صلاح الشاب المذكور والتعرف عليه، والتعرف على أسرته، هذه قاعدة أساسية، وفي كل الأحوال لا بد أن نسير في هذا الطريق، وهو طريق التعرف على الشاب، ومعرفة الأسرة، ثم بعد ذلك الحوار والنقاش حول الموضوعات الأخرى والقضايا الأخرى.
اعلموا أن مسألة الخطبة دائما صاحب القرار فيها هو الفتى والفتاة، ونحن حقيقة ننزعج فعلا في مثل هذه المواقف، لأن الأسرة تكون ابنتها بنت آمال، وحتى أسرة الشاب قد تكون أيضا منزعجة لأنه يفاجئها مثل هذا الكلام، ودائما نحن نقول لأبنائنا وبناتنا: إذا وجدت الفتاة من يميل إليها أو فكر الشاب في فتاة فإن أول الخطوات أن يطرق باب أهلها، ويأتي بأهله ليطرق باب أهلها، حتى يتكلموا، ومع ذلك ينبغي أن يكون هناك تعرف شامل وكامل، يسأل عن الفتاة وعن أهلها، ومن حق أهلها أيضا أن يسألوا عنه، لأن الزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، ولكنها علاقة بين بيتين وأسرتين وقبيلتين، قد يكون كل واحد من مدينة فكأنها علاقة بين مدينتين.
كما أن مشوار الحياة طويل جدا، ولذلك المسألة تحتاج فعلا إلى البناء على أسس ثابتة، ومرة أخرى نحب أن نذكر أن دورنا كمحارم هو الدعاء، والسؤال، والحوار الهادئ، وقبل الرفض أو القبول لا بد من دراسة الموضوع والتعرف على الشاب وأسرته، وأيضا محاورة الفتاة وأمها، ومحاولة فهم خلفيات هذا الموضوع قبل أن نرفض أو نوافق.
نحن سنكون أمام احتمالين إذا كان الشاب مناسبا وأسرته ميسورة، ومستعدا للزواج، وهو أيضا متدين فعند ذلك أرجو أن لا يكون هناك مانع في القبول بهذه الشاب، وإن كانت الأخرى والشاب يحتاج إلى وقت ويحتاج إلى استعداد، وأيضا هناك إشكالات وجدت في الشاب أو في أسرته، هنا ينبغي أن نتوقف ونتحاور.
نحن نسعد جدا بالاستمرار في التواصل مع الموقع، بعد إعطاء بيانات كاملة أنكم تواصلتم مع الشاب وتعرفتم على أسرته، وأن وضعهم كذا وأن الشاب كذا، وأن فيه من الميزات كذا، لأن هذا مهم.
نطالب ابنتنا بأن تصبر؛ لأن هذه الشريعة تدعونا دائما إلى أن نبحث وإلى أن نسأل، و(إذا أتاكم من ترضون -لم يقل أنت ترضينه لكن ترضونه كأسرة كأولياء- دينه وخلقه فزوجوه)، وأهل الفتاة هم أغير الناس عليها وأحرص الناس على مصلحتها.
لذلك ليس هناك داع للدخول في جدال وعناد قبل معرفة خلفيات الموضوع، ومعرفة سيرة الشاب، ووضعه المالي المادي الأسري، يعني هذه الأمور تدرس دراسة شاملة، حتى يكون القرار مبنيا على قواعد صحيحة.
نسأل الله أن يقدر لها ولكم الخير ثم يرضيكم به.
نحن بلا شك نرفض الطريقة التي عرضت بها ابنتنا عنصر المفاجئة، وأيضا إذا هو عرض على أهله بنفس الطريقة أيضا يكون أخطأ في حقهم، وستكون عليهم صدمة، ومفاجئة أيضا، وبالتالي قد يكون أيضا أهل الشاب لهم تحفظات، وعندها نقول: لا نحتاج إلى أن نتناقش، لأن الأمر قد يحسم أيضا من الطرف الثاني، فإذا نحن نرفض الاستعجال، نرفض أي قرار ليس فيه أي دراسة شاملة أو تأني، ونسأل الله أن يعينكم في الخير.