السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، أبلغ من العمر 22 عاما، وتخرجت من الجامعة هذا العام، مشكلتي أنني كنت دائما أفكر في الزواج، وكنت أدعو الله بالزوج الصالح، وبالفعل تقدم لخطبتي شاب طيب من أسرة طيبة، وذو خلق، ولذلك قبلت الخطبة، ولكن بعد الخطبة تغير حالي، فقد مرضت مرضا شديدا، وحتى الآن أعاني منه، وهو ألم في المعدة يحصل في الصباح، ويستمر نصف اليوم تقريبا، مما جعلني متوترة جدا، وغير قادرة على تناول الطعام من الألم.
ذهبت للطبيب لأعرف هل هو بدني أم نفسي، وكان المرض بدنيا، لكن مع ذلك كلما أفكر في الزواج يزداد الألم، وبالبحث اكتشفت أنني أعاني من رهاب الزواج؛ لأن أغلبية الأعراض تشير إليه، والخوف الغير طبيعي من ترك الأهل، والخوف من ليلة العمر مما يعيق حياتي الآن، لذلك أشعر أنني وضعت حاجزا بيني وبين خطيبي، فدائما أفكر أنني لا أحبه بالرغم أن في حديثي معه لا أشعر بالضيق، بل أنتظر أن يحدثني أحيانا أخرى، فأشعر بالتناقض الشديد، وهو يحاول أن يرضيني بكافة الطرق، ويبحث عما يسعدني، لكني أفكر أنه قبل الخطبة لم يكن بي مرض، وأفكر أنني كنت أتمنى هذه اللحظة في سعادة، ولكني الآن لا أشعر بها مما سبب لي الاكتئاب والحزن على نفسي، وأشعر أنني أتعب أهلي معي، حتى أن أهلي عرضوا علي فسخ الخطبة، لكن ماذا سيكون السبب؛ لأنه بالفعل لم يفعل أي شيء يدعو لذلك، وأنا لا أكرهه، ولكن في نفس الوقت لا أتخيل نفسي زوجته، وكثيرا أخبروني أن الحب يأتي تدريجيا بعد وقت من الخطبة، أو حتى الزواج، فالمهم أن خطيبي يحترمني، لكن هذا أيضا سبب لي القلق من المستقبل، فلا أضمن، هل سيحدث ذلك أم لا؟
آسفة على الإطالة، ولكن هل يوجد نصيحة للتخلص من هذا الرهاب؟ لأتمكن من حب خطيبي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، وإنا لنرجو الله أن يبارك فيك، وأن يتم عليك الخير، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
أختنا الفاضلة: ما تحدثت عنه هو أمر طبيعي، فلا داعي للقلق منه، ولا للتوتر، فالرهاب من الزواج لا تخلو منه فتاة مقبلة عليه، بالطبع تختلف الحدة من فتاة إلى أخرى، ولكن أصل هذا الخوف موجود عند الجميع، وتلك فترة ماضية، فالناس دائما لا تستبدل الحاضر الآمن بالمجهول الغائب، وأنت اليوم بين أهلك وإخوانك ووالديك في أمن ودعة وأمان، فإذا تزوجت خرجت إلى بيت آخر وشخص آخر، وعالم آخر تجهلين حالهم، وتجهلين طريقة التعامل معهم، وهذا أمر متفهم تماما وله علاجه فلا تقلقي.
أختنا الفاضلة: أول ما ينبغي معرفته قبل البحث عن الحل معرفة السبب الحقيقي وراء زيادة وتيرة الرهاب، فقد ذكرنا أنه موجود عند الجميع، لكنه أحيانا يزيد من فرد لآخر، وهنا يجب معرفة القدر الزائد هذا، ولكي نخفف عليك سنذكر لك بعض الأسباب، وبدورك تحددين أي تلك الأسباب أو غيرها هي التي تخافين منها.
- البعض عنده نفور من عدم القناعة التامة بالزوج، لكن تقبل به الفتاة؛ لأنه المتاح، والبديل غير موجود، فيحدث لها مثل هذا القدر الزائد من القلق.
- البعض الآخر ليس عنده ثقة في نفسه، والفتاة هنا تستشعر أن الزواج لن ينجح، وأن مردها إلى بيت أبيها وربما بمشاكل أكثر.
- البعض عنده ذكريات سيئة وعلاقات اجتماعية رآها صغيرا أثرت عليه، ولذلك يتخوف من هذا المصير.
- البعض ضخمت لها ليلة العرس الأولى، وما فيها من أحداث وخوف وقلق واضطراب.
- البعض عندها تعلق زائد بالأهل، ويخشى أن يكون الزواج بديلا عنهم.
هذه بعض الأسباب أيتها الكريمة، ويمكنك معرفة السبب بنفسك سواء الموجود معنا أو مشابها له، وبعد ذلك نأتي لكيفية التعامل معه:
أولا: العمل على الفصل بين الخوف الطبيعي والقدر الزائد، فمن الطبيعي مثلا أن تقلق الفتاة لترك بيت أهلها، لكن هذا لا يعني الانفصال التام عنهم، ولا يعني قطع العلاقة بهم، ومدخل الشيطان إلى نفسيتك من الجزء الأخير هو ما أفرز هذا القلق الزائد، ويمكنك وضع تلك القاعدة على أي سبب موجود.
ثانيا: استحضار الجانب الإيجابي في الزواج أمر هام لانعدال المزاج العام، وتخفيف حدة الرهاب، ويمكنك كذلك معايشة بعض النماذج الناجحة وهي كثيرة، والحمد لله.
ثالثا: الحديث مع الوالدين في التخوفات التي تقابلينها، والاستماع منهم جيدا، فهم أكثر الناس دراية بك وبالزواج بصفة عامة.
رابعا: التعرف على صديقات صالحات متزوجات ناجحات في تجاربهن الزوجية، فإن هذا من الدوافع الجيدة.
خامسا: المحافظة على أذكارك الصباحية والمسائية، فإنها بعد المحافظة على الصلوات خير ما تطمئن به القلوب وتسكن به النفوس.
فإذا التزمت بذلك أختنا الكريمة، فإن هذا الرهاب سينتهي أو يزول مع الوقت، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.