أحب فتاة ولا أستطيع الزواج منها لأني لا زلت طالبًا، فما العمل؟

0 43

السؤال

السلام عليكم.

أنا أحب فتاة، ولم أصارحها بهذا الأمر، ولم أتكلم معها ولا مرة واحدة على الهاتف رغم أنني أحبها، وذلك خوفا من الله، وخوفا عليها من كلام الناس، وسمعت أن الشباب المقبلون على الزواج يريدون أن يطلبوها من والدها، وأحزن جدا عندما أسمع هذا الخبر، وأنا ما زلت طالبا، فماذا أفعل في هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أخي: إننا نحمد الله إليك أن رزقك التدين، وأن رزقك هذا الخوف من الله تعالى، وتلك نعمة أنعم الله بها عليك، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن تكون كما نرى وزيادة.

أخي الكريم: نحن نتفهم طبيعة المرحلة التي تمر بها، ونتفهم الالتزام والحرص عليه، مع وجود الرغبة الداخلية في الظفر بفتاة صالحة طيبة، ونتفهم ارتباطك الوجداني بمن رأيت فيها صلاحا، وتخوفك من ألا تجد مثلها، مما ولد عندك الرهبة كلما سمعت أن خاطبا تقدم إليها، أو كاد أن يتقدم.

أولا: كل هذا نتفهمه، وذكرناه لك حتى تعلم أن نصيحتنا مبنية على العلم بحالك، ولم نغفل الواقع، لذا فنصيحتنا لك ستكون في مقدورك، فلا يوهمنك الشيطان بغير ذلك.

ثانيا: الهدوء والاطمئنان أول ما نهديه لك، نعم تلك هدية لك ستذهب عنك القلق الذي اعتراك، والخوف الذي أصابك، إذا ما اعتقدتها وجعلتها عقيدة لك:
أخي الكريم: من قدرها الله لك زوجة لن تكون لغيرك ولو اجتمع أهل الأرض ليصرفوك عنها، ولو كانت لغيرك لن تكون لك ولو بلغ حرصك ما بين السموات والأرض، تلك عقيدة المسلم، فالزواج قدر مكتوب، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".
وعليه فمن كتبها الله لك ستكون لك، فهي معلومة من قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فإذا أضفت إلى ذلك أن الله لا يقدر لعبده إلا الخير، وأن اختيار الله لك هو أفضل مما أردته لنفسك، وأيقنت من داخلك أن الخير والشر ليس ما تراه بعينك اليوم، بل ما يقدره الله لك، وأن العبد قد يلهث خلف الشر يظنه خيرا، ولا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير يظنه شرا، ولا يعلم أن فيه نجاته، كما قال الله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم"، ساعتها سيطمئن قلبك وتستريح نفسك.

ثالثا: أخي الكريم: من الحقائق الثابتة أن الفترة العمرية التي أنت فيها اليوم إلى الخامسة والعشرين تقريبا هي فترة تقلبات، يتبعها بعد ذلك التوازن بين العقل والعاطفة، وساعتها أمور كثيرة ستدرك حقيقتها بعد أن كانت غائبة عنك، أمور كنت تمدحها ستذمها، وأخرى كنت تذمها ستمدحها، حتى اختيار الزوجة، ستتغير بعض الرغبات، مع الثبات على المبدأ الشرعي، لكن الاختيار ساعتها سيكون أقرب إلى الصحة منه إلى الخطأ، وهذه -أخي- ليست مذمة، وإنما تقرير واقع للحياة، من تراها اليوم صالحة لك من وجه التدين، قد لا تكون صالحة لك من وجوه كثيرة تعلمها بعد ذلك، لذلك نحن ننصحك بعدة أمور:

1- ما دمت غير قادر على الزواج الآن فانزع التفكير في هذه الفتاة من رأسك، واترك الأمر إلى أن يحين وقت الزواج، فإن كانت موجودة فتقدم لها، وإن كانت قد تزوجت، فهذا قدر الله لها ولك، وهو الخير لها ولك، ولعل الله قد ادخر لك في واسع علمه من هي خير لك منها.

2- قد أحسنت حين لم تتواصل معها، ونوصيك بالاستمرار على ذلك، فمما لا يخفاك أن مثل هذا التواصل محرم، وأي تبرير له لا يجوز ولا يصح، ولا يرضى صاحب دين ومروءة أن يحدث أحد أخته مهما كانت النوايا، وما لا ترضاه لنفسك -يا أخي- لا ترضاه لغيرك.

3- العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه: تلك قاعدة اجتماعية هائلة وصحيحة، فاليوم أنت -أخي- غير مستطيع للزواج، والفتاة التي تراها اليوم لا تحل لك، وهنا يأتي دور الشيطان المتربص ليريك إياها على غير ما هي عليه، حتى يشغلك عن تدينك، وعن دراستك، وعن مستقبلك، ولطالما راسلنا إخوة كرام كانوا متدينين ومتميزين قبل أن يخوضوا مثل هذه التجربة، فتعثرت دراستهم، وقل تدينهم، ثم تقدم لمن أحبوها من أنهى دراسته، والتحق بوظيفته، فقدمه أهلها عليه، فما ربح الدنيا، ولا حظي بمن أراد، ولا أتم تعليما، ولا حافظ على تدين. ودموع العين وأنين اليوم لن يغير من الحقائق، ولن يعيد الأمس الراحل، والعاقل من اتعظ بغيره، لا من اتعظ به غيره.

هذه نصيحتنا لك، ونسأل الله أن يرزقك العفاف والتقى، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات