السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله.
عندي ذنب أقوم بفعله باستمرار، وهذا الذنب -أعانني الله على الإقلاع عن فعله- يؤرقني، وأحيانا عندما أقع فيه أبحر في بحر من العتاب واللوم، واللامبالاة، والهروب من المواجهة، وعدم التزام بالصلاة، ونفسي تائهة، وشخصيتي عصبية، ويأتيني اليأس.
قد دلني الله تعالى على مجموعة في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي به ثلة وصحبة تعين -بإذن الله- على ترك المعاصي، وفي إحدى النقاشات ناقشت فتاة عن ذلك الذنب، وذكرت عوارضه وأسبابه، ولكني لم أذكر اسم هذا الذنب، رغم تخمينها القريب له، فهل أنا بذلك أكون قد جاهرت بالمعصية؟
وهل الله تعالى لا يغفر هذا الذنب لقول رسول الله ﷺ يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه) [متفق عليه]، ولقوله: (سترتها عليك في الدنيا، واليوم أغفرها لك) فهل هكذا أكون رفعت ستر الله عني؟
أفيدوني أثابكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يتقبل منك عملك الصالح، ويمحو ذنوبك.
قد أحسنت – أيتها البنت الكريمة – حين أخذت بالأسباب التي تعينك على التوبة والإقلاع عن هذا الذنب، وإذا وقعت فيه مرة أخرى بعد أن صدقت في توبتك السابقة –بأن كانت التوبة فيها ندم على فعل الذنب، وعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عن الذنب– فإذا كانت التوبة بهذا الشكل ثم قدر عليك أن وقعت في الذنب مرة أخرى، فلا ينبغي أن يكون ذلك سببا لليأس من رحمة الله، والقنوط من فضله تعالى، بل الواجب عليك أن تتوبي توبة أخرى، فإذا تبت التوبة الثانية فإن الله تعالى يقبل توبتك، ويمحو بها ذنبك، وهذا من عظيم فضل الله تعالى ورحمته.
وأما ما ذكرت من كونك قلت لصديقاتك، أو لمن يعينك على ترك هذا الذنب، وبيان أسباب التخلص منه؛ فإن هذا ليس من المجاهرة بالذنب، بل المجاهرة بالذنب كما ورد في هذا الحديث الذي أوردته أنت في سؤالك: أن يتكلم الإنسان بما فعل جهة الفرح والإخبار بما صنع، وليس المراد إخبار من يعينه على التخلص من هذا الذنب، فهذا ليس من المجاهرة في شيء، وليس فيه أخذ بأسباب رفع ستر الله تعالى عنك.
فنحن نوصيك بمواصلة الستر على نفسك، وألا تخبري بذنوبك أحدا من الناس إلا بقدر ما تدعوك الحاجة إليه، مثل هذا المقام الذي تستعينين به بمن يعينك على إصلاح أحوالك، فإذا ذكرت ما يوصلك إلى هذا المقصود، فإن هذا جائز لا حرج فيه.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.