غضب مني والدي بسبب إنكاري للبدعة، فماذا أفعل؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أسألكم إخوتي أن تقرؤوا السؤال، وتجيبوني فإنني في أمس الحاجة إليكم.

نعلم أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة محرمة، وأنا أعمل بهذا القول، ومن المعروف أنه يتم فيه استعمال الألعاب النارية، وعائلتي يحتفلون به، وحاولت أن أنصحهم، ولكنهم أصروا على ما يفعلون.

مشكلتي هي أنه بقي معي القليل من الألعاب النارية من العام الماضي، وطلب مني أبي أن أعطيها لأختي الصغيرة لكي تلعب بها بمناسبة المولد، ولكني لا أريد الإعانة على الاحتفال، وماطلت في الأمر، ولم أرد أن أصارحه مباشرة بأني لن أعطيها.

أخي الأكبر كان يبيع ما تبقى عنده من العام الماضي، وهددني أنه سيأخذ ألعابي النارية ويبيعها، فانزعجت ولا أريد أن أعطيها إليه فيبيعها، ويعين على الاحتفال، فقمت بإتلافها بالماء ورميتها.

بعدما اكتشف أبي الأمر غضب، وبدأ يسبني وينعتني بمصطلح 'بوخليطة' والذي قد يقصد به الشخص المتشدد أو المبتدع، وحلف أني إذا ذهبت للصالة الرياضية سيضربني، ولكني عازم على الذهاب للصالة خفية، وحصل مشكل في المنزل بسبب أني قمت بفعل صحيح! 

هل يجب علي طاعته في هذا الحلف، بما أنه مبني على الأمر بمعصية الإعانة، وليس له غرض صحيح، وسيسبب لي ضررا من عدة نواحي؟

المشكلة أنه كان سيترك أختي ذات 8 سنوات تلعب بالألعاب النارية الخطرة، بدون رقابة منه أو من شخص بالغ، وبالفعل قد أصيبت من قبل شخص آخر، ودخلت للمنزل تبكي، وأخاف على نفسي من توقفي من الذهاب للصالة أن يصل الأمر إلى عصياني له في مسائل أخرى، ولأنها أفضل هواية لي، وتطورت حالتي العقلية والجسدية بممارستها، فكيف له أن يمنعني منها، واشتراكي مدفوع، يعني سيبذر المال، وهذا كله بسبب امتناعي عن فعل معصية؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك وأن يثبتك على الحق، وأن يجميع بينك وبين أهلك على الإيمان والتقى، إنه جواد كريم.

أخي الكريم: نحن ابتداء معك في أن الاحتفال بالمولد بدعة، ولا شك أن غيرتك على الدين محمودة، وخوفك على أختك مشروع، ونسأل الله أن يبارك فيك، ولكن مع هذا دعنا نختلف معك في طريقة الإنكار أو الوسائل، لأن غياب فقه الأولويات يضر أكثر مما ينفع، ودعنا نوضح لك الأمر.

قال ابن القيم في إعلام الموقعين: "إنكار المنكر أربع درجات:
الأولى: أن يزول ويخلفه ضده.
الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته.
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.
الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.
فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة". اهـ.

إذا أردنا تطبيق هذا على المنكر الذي أردت منعه، فسنجد أنه خلف ما هو أعظم ضررا عليك منه، وكان يمكنك أن تبين لهم بطريقة هادئة الحكم الشرعي، ثم بعد ذلك تعتزل ما تراه منكرا دون أن تسبب مشكلة أكبر.

الألعاب التي أتلفتها كان الأفضل أن تسمع كلام الوالد لأنها في النهاية ألعاب، وسيجلب لأختك أو لأخيك مثلها، وما استفدت أنت إلا أن جعلت حاجزا بينك وبين والدك، ونعتك بالتشدد، وهذا يا أخي سيصعب عليك بعد ذلك دعوتهم لأي خير أو عمل صالح.

إننا ندعوك أخي إلى ما يأتي:

1- الذهاب إلى الوالد والاعتذار له وتقبيل رأسه، فعقوقه حرام والاحتفال بالمولد أقل ضررا من ذلك بكثير.
2- ربط جسور المحبة بينك وبين أهلك جميعا، وعدم الحديث معهم في الأمور الخلافية؛ حتى تتمكن منهم العقيدة أولا، ودائما ما نقول: علم الناس نهج النبي ﷺ، وحكم اتباعه، وحكم مخالفته، ثم دع من علمته وهو بنفسه سيترك البدع؛ لأنها لن تتوافق وما علمه من الشرع، هذا هو الأساس.
يحتاج منك الآن التوقف عن الحديث عن هذه النقطة، ولكن اجتهد في الحديث العام عن الصلاة، وعن محبة رسول الله ﷺ، وعن الأخلاق والآداب، كل هذه الأمور العامة تواصل معهم فيها.

3- التدين الحقيقي هو ما له أثر ملاحظ على البيت، فبرك الزائد بوالدك ووالدتك، واهتمامك بهم أكثر، وحرصك على عدم إغضابهم، إذا علموا منك ذلك ورأوه بأم أعينهم أحبوا المنهج الذي سرت عليه، والالتزام الذي ركنت إليه، بل وسيساعدونك على أن تحمل إخوتك على ذات المنهج، والمهم أن يكون التدين سلوكا عمليا.

4- لا ننصحك بمخالفة أبيك؛ فإن هذا سينعكس عليك وعلى تدينك سلبا، بل أكثر من الاقتراب منه، واجتهد في ترضيته، واستعن عليه بعد الله بالوالدة، وثق أن الأمر سيحل وإن تأخر بضعة أيام.

نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يرزقك التدين والإصلاح، وأن يجعلك من المصلحين، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات