السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا خاطب منذ قرابة السنة، وكنت أعمل في إحدى الشركات، ولكن الراتب غير كاف في الظروف الحالية لظروف المعيشة؛ لذلك قررت الاشتغال بعمل خاص لتحسين وضعي المالي، وقبل الإقدام على الأمر شرحت لخطيبتي الأمر، وأعلمتها أن التواصل سيكون أقل من السابق، وكان ردها مشجعا في البداية بأن الأمر في النهاية سيعود عليها بالنفع، إلا أنها بعد أيام بدأت تشتكي، وتقول: إني أهملتها، وأنها لم تعد أولوية.
جلست معها، وشرحت لها الأمر بوضوح أكثر، وأصلحت الخلاف، وبدأت من جديد، إلا أنها بعد أيام اشتكت، وبطريقة أشد من المرة الأولى، وصدر منها في هذا المرة كلمات على مدار أيام متفرقة مثل: أني ليس لدي إحساس، وأني أناني، ولا أرى غير نفسي، وأنها لا تريد رجلا ليصرف عليها، وأكثر من ذلك أيضا من الكلمات الجارحة التي جعلتني أجلس مع نفسي وأحاول معالجة ألم ما قالته لي، ولكن لم أستطع تقبل كلماتها، وعندما واجهتها بما قالت كان ردها: أنها كانت تريد أن تجذبني ناحيتها بهذه الكلمات، لكني لم أتقبل ما قالت، ولا حتى تبريرها؛ ما جعلني أبلغها برغبتي بفسخ الخطبة، لكن ردها كان أنه ليس من حقي أن يكون الأمر من خلالي فقط، ولا بد أن يكون لها القرار أيضا، وهي ترى أني ظالم لها بقراري.
هل أنا ظالم لخطيبتي في أمر الانفصال لما ذكرت؟
هل حقا لا يحق لي أن آخذ قرار فسخ الخطبة دون الرجوع لها كما تدعي؟
هل قولها: إنها لن تسامحني على قراري، يكون على إثم به؟ مع العلم أني لم أعد أتقبل الإكمال معها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أخي الكريم في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في الدنيا والآخرة.
ابتداء أخي الكريم: لا بد أن نفرق بين الخطبة والعقد، بعض البلدان تجعلهما واحدا، والبعض الآخر يفرق: فإذا كانت الفتاة مخطوبة بلا عقد شرعي، فهي لا زالت أجنبية عنك، ولا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة حتى يتم العقد؛ وعليه فالخطبة وحدها لا تبيح شيئا مما حرم الله، فلا يجوز الكلام معها لغير حاجة، وبالضوابط الشرعية، وأما المعقود عليها فالأمر مختلف.
أخي الكريم: قديما قالوا: لا تقتل النملة بالمدفع! وهذا الكلام يقال عندما نجد من يبالغ في الرد على خطأ عابر، ويحدث في كل وقت ومع الجميع.
بالطبع نحن لا نوافق على الأسلوب، ولكن نضع الأمور في نصابها:
- الفتاة تحتاج كما كل امرأة معقود عليها إلى الحديث معها والتودد لها، وإشعارها بأهميتها، وما أقدمت عليه كان من أجل ذلك، نعم أخطأت في الأسلوب، ولكنها أرادت أن تخبرك بأنها تفتقد وجودك.
- الظاهر من الفتاة أنها تحبك، وأنها حريصة عليك، وأنها تريد الزواج منك، وغايتها في الوقت الحالي زيادة اهتمام لا أكثر، ونحن نرى هذا أمرا طبيعيا، ويمكن تحقيقه.
- أخي الكريم: إننا نرى التعامل مع مثل هذا التصرف أن يكون كالتالي:
1- التأكيد على الخطأ الذي وقعت فيه من غير تضخيم، وأخذ وعد منها بعدم التكرار.
2- التأكيد على حقها في الاهتمام، والوعد كذلك بالاجتهاد في ذلك مع طلب الاعتذار منها إذا كان ثمة ضغط في الشغل.
3- وضع آلية معينة للتواصل وحد أدنى يجب الوفاء به.
4- اشغلها أنت بالمفيد كقراءة القرآن أو كتاب معين، بحيث تشغلها بما يفيدها وما يعود عليك بالخير.
أخي الكريم: أما الإجابات على أسئلتك، فنجملها فيما يلي:
- الطلاق أو الفراق حق خالص لكلا الطرفين بضوابط معلومة.
- أخذك القرار بعد أن تعلقت الفتاة بك، ولم تفعل ما يوجب فراقها وكسر خاطرها بلا جريمة تستحقها فيه تجاوز، وقد قال بعض أهل العلم: إنه محرم؛ لأنه أضر بنفسه وبزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراما كإتلاف المال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).
فإذا كانت الفتاة صالحة في نفسها، متدينة وصاحبة أخلاق حميدة، ولم تشاهد منها ما يوجب فراقها، فإننا ننصحك بحوارها، والجلوس معها، وإعلامها خطئها بهدوء وصبر.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.