السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مسلم وملتزم بصلاتي، وأعرف الله جيدا و-الحمد لله-، ارتبطت بفتاة من نفس عمري، وكنت أعرفها منذ زمن طويل، كنا نعمل في مؤسسة واحدة، ولم يكن بيننا شيء طول عملنا سويا.
تركنا العمل وذهب كل شخص في حال سبيله، وبعد أكثر من ثلاث سنوات التقينا مجددا ودار بيننا حديث، وعادت علاقتنا جيدة مع بعضنا البعض، وبعدها صارحتني بحبها، وقمنا بالارتباط، وأنا أنوي التقدم وخطبتها قريبا.
بعد فترة من ارتباطنا اعترفت لي بأنها كانت على علاقة مع شخص قبلي، وكان أحد العاملين معنا في السابق، وللأسف هذا الشخص تربطني به علاقة جيدة جدا، واعترفت أنها مارست معه الحرام؛ لأنه وعدها في الزواج ووثقت به وخضعت له.
أعلم بأنها تابت وعرفت غلطتها وندمت ندما شديدا، وأنا أحببتها حبا كبيرا، والله يعلم مدى حبي لها، وأثق فيها كثيرا، وأعرف لولا حبها لي وصدقها معي لما اعترفت لي بهذا الأمر.
أنا الآن أقف محتارا وأريد معرفة هل ارتباطي بها سيكون خيرا لي ولها، أم لا؟ وهل الأمر من الناحية الشرعية جائز أم لا؟ وهل سيؤثر على نفسي مستقبلا أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت به؛ فاعلم -بارك الله فيك- أن الأصل عدم الزواج بمن وقعت في الزنا إلا بشرطين:
الأول: أن تكون المرأة قد تابت إلى الله توبة نصوحا، وهذا هو الواضح من حديثك عن هذه الفتاة، خاصة وهي من أخبرتك بذلك، والواجب عليك شرعا: الستر عليها وعدم الحديث عنها، أو كشف ما ائتمنتك عليه، حتى وإن لم تتزوجها.
احذر -أخي- أن تعلم أحدا -أيا كان- ما أخبرتك به الفتاة، فأنت تعلم أن كل ابن آدم خطاء، وليس أحد من البشر في الدنيا ليس له ذنب، والله عز وجل غفور رحيم إذا أقبل العبد عليه قبل منه، وهو الخالق، فكيف بالمخلوق!
اعلم أن من صفات المؤمن أنه يستر وينصح، ولا يهتك ولا يفضح، والله يحب هذا من عبده، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء والستر)، أي: يحب الستر لعباده المؤمنين، ستر عوراتهم، وستر ذنوبهم، فيأمرهم أن يستروا عوراتهم، وأن لا يجاهروا بمعاصيهم في الدنيا، وهو يسترها عليهم في الآخرة، قال ابن القيم:
وهو الحيي فليس يفضح عبده عند التجاهر منه بالعصيان
لكنه يلقي عليه ستره هو الستير وصاحب الغفران.
أما الفضيحة فعاقبتها وخيمة على من فضح في الدنيا والآخرة، فعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)، رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
عليه فأول الشرطين: أن تكون الفتاة تائبة صادقة في توبتها.
الثاني: أن تتقبل نفسك هذا الأمر، وأن تجد في صدرك متسعا لتوبتها، وأن يكون ذلك مبنيا على قناعة عقلية لا على موقف عاطفي عابر؛ فإن المواقف العاطفية مؤقتة، وعاقبتها وخيمة عليك وعليها بعد ذلك.
انظر -يا أخي رعاك الله-: إن كنت واثقا من توبتها، وأردت أن تتزوجها لقناعتك بذلك، وكي تأخذ فيها أجرا، ووجدت الرضا من نفسك، فإننا ننصحك بما يلي:
1- صلاة ركعتي استخارة قبل أي فعل، والاستخارة -أخي- لا تفضي إلا إلى الخير، ولا يشترط لها رؤيا أو انشراح صدر، بل صلها وتوكل على الله، فإن أتم الله الزواج فهو الخير، وإن صرفه فهو الخير.
2- لا تخبر صاحبك بما قالته لك الفتاة، ولا تظهر له ولو بالتلميح بذلك، ولكن ابدأ تدريجيا بتقليل علاقتك به، حتى تكون طبيعية لكنها في الحد الأدنى من العلاقة، وليس لأن الشاب سيء، فقد يكون تاب إلى الله كذلك، ولكن لأجل أن تستقر حياتك الزوجية بعد ذلك، ولا يذكرك لقياه بما قد كان.
3- إن قدر الله لك وتزوجتها فاحذر تذكيرها بما قد كان، بل اجتهد في أن تنسى، وأن تنسيها ما كان من أمرها، وعسى الله الكريم أن يتوب عليها وعليك.
من يحدد الارتباط بها من عدمه هو أنت -أخي- وطبيعتك النفسية، أما في الشرع فالزواج جائز بمن ثبتت توبتها، ولست مجبرا على الزواج منها، ولكنك مجبر على الستر عليها.
انظر في أمرك يرعاك الله، وحدد ما تريد، واستعن بالله ثم صلاة الليل، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله المستعان.