السؤال
زوجتي عنيدة جدا كلمة بكلمة معي، رغم أنها ليس لديها أي ضغوط في المنزل، ولا أحد من أهلي يأتي إليها يعني لديها منزل لوحدها، ترفع صوتها معي، تحب فرض رأيها مهما كان، كثيرة الذهاب لأهلها كل 20 يوما، وأكثر، كل شهر، ودائما تهدد بالذهاب لأهلها وعدم العودة، تعبت من هذه التهديدات والمشاكل، لم أعد أستطع التركيز في عملي، ما الحل؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أخي الكريم في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك في عمرك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
أخي الكريم: ليس من نافلة القول أن نخبرك بأن هذه طبيعة الحياة، وكذلك طبيعة الحياة الزوجية، وما من بيت إلا وفيه مثل هذه المشاكل، والعاقل ليس من يحث على اجتثاث المشاكل، إنما العاقل من يتفهم أن تلك طبيعة الحياة، وأن التعامل مع المشاكل على محورين:
المحور الأول: المعالجة التامة لما يمكن معالجته.
المحور الثاني: التعايش مع ما لا يمكن علاجه على أن نخفف من آثاره.
هذه القاعدة الصحيحة في التعامل مع المشاكل الحياتية، وقد ذكرت أخي أن زوجتك عنيدة ، وأنك لم تعد قادرا على الجمع بين عملك وعنادها، ونحن هنا سنعطيك الحلول بأمر الله.
أولا: العناد صفة خلقية تظهر عند شعور الإنسان بالضعف أو بعدم القدرة على الفعل الإيجابي، أو هي صفة خلقية لها بيئتها التى نمت فيها حتى أصبحت جزءا من تكوين الإنسان، وبالطبع لكل واحد من تلك الأقسام حلول، لكنا ولأننا لا نعلم ابتداء أساس عناد زوجتك، فسنخبرك عن قواسم مشتركة للحلول.
ثانيا: أول العلاج عند الزوج نفسه، وكأنك تقول: وما دخلي في الموضوع؟ هي العنيدة ولست أنا؟! الجواب: أن النفسية المتزنة عند العلاج هي القادرة على التجاوز بالمعالج بر الأمان، فإذا حدث شجار بين طرفين أحدهما هادئ والآخر منفعل، يوشك أن ينتهي الخلاف سريعا أو على الأقل بدون خسائر كبيرة، لكن إذا حدث بين شخصين غضوبين؟! الأمر ساعتها سيضخم فوق ما يحتاج إليه الحال، وعليه فلا بد أن تكون شخصيتك عند التعامل معها متزنة، ولأجل الاتزان هذا ننصحك بما يلي:
1- حصر إيجابيات زوجتك بجوار سلبياتها، فإن هذا أدعى للنفس وأهدئ لها.
2- حصر سلبياتك بجوار إيجابيتك، فإن هذا أدعى لتفهم عناد الزوجة إن كانت محقة أم لا.
3-الاعتقاد الراسخ بأن المشاكل أمر طبيعي في البيت، وأن التعامل معها يجب أن يكون بعقل وصبر.
ثالثا: العناد له أسباب مادية وأسباب نفسية، تحل كل الأسباب النفسية إذا اطمأنت الزوجة أنك تحبها وأنك حريص عليها، وأنك لا تريد فرض رأيك عليها بالقوة، ولا تريد السيطرة عليها كما تتوهم، ودلل على ذلك بالتنازل أحيانا عن بعض ما تريد إذا علمت فيه الخطأ، أو كان الأمر فيه بين الصواب والخطأ.
رابعا: أكثر من الاستماع لها والإصغاء التام لها عند الحديث، إن المرأة أكثر غضبها يذهب مع الحديث، وتفهم نفسيتها عند الحديث، وكن متفاعلا مع حديثها، وخذ من حياة النبي صلى الله عليه وسلم نبراسا لك، فقد ذكر أهل السير والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن صفية بنت حيي غاضبة، ذهب النبي لها فوجدها تبكي، قال ما بك: فأخبرته قائلة: حفصة قالت إني ابنة يهودي -فأبوها حيي بن أخطب ومات على يهوديته- لكن انظر ماذا فعل النبي وكيف تفاعل معها؟ قال صلى الله عليه وسلم: (كيف تقول حفصة ذلك؟ ألا تعلم أنك ابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، فبم تفخر عليك؟ ثم قال: اتقي الله يا حفصة) فانظر كيف طيب خاطرها، وكيف نسبها إلى موسى وهارون عليهما السلام، وأنها زوجته صلى الله عليه وسلم، وعليه فالتفاعل أمر مذيب للعناد.
خامسا: لا تتجاهل قناعاتها في أي أمر، وإن رأيته مخالفا فوضح بهدوء، واختر الوقت المناسب للحديث، فأنت أخي أمام امرأة، وهي زوجتك، وهي كتلة مشاعر، وكلمة طيبة منك في وقت مناسب تجعلها تغير كثيرا من قناعتها.
سادسا: مع ما مضى لا تكثر الرضوخ، أو الاسترضاء مع الأمور البينة الخطأ، واجتهد في أخذ أمر حازم مع التبيين الدائم والمستمر، والهدوء اللازم وتحقيق بعض الأمنيات الأخرى لها.
سابعا: تجنب العناد، فبعض الزوجات تزداد عنادا حين يكون زوجها عنيدا، ولكن كن متوازنا.
ثامنا: حصن بيتك بالدين والأذكار وقراءة القرآن، وخاصة سورة البقرة كل يوم، واجتهد أن تجعل لك مع الزوجة وردا من كتاب الله ولو صفحة، فإن هذا أدعى إلى سكينة النفس.
تاسعا: خصص وقتا ولو في الأسبوع مرة للجلوس مع الزوج للحديث فقط، أو الخروج معها، فإن هذا أدعى إلى شعورها بالراحة النفسية والأمان الاجتماعي، ومتى ما حدث ذلك ستزهد زوجتك في الذهاب إلى أي بيت -ولو بيت أهلها- متى ما كانت حاجة بيتها إليها أشد.
وختاما: لا تقل هذه أمور كثيرة، أو لا أقدر، أو لا تفهم الزوجة، أو غير ذلك، كل هذه من أماني الشيطان وخطراته، فلا تستمع له، وجرب ما قلناه، وراسلنا بعد أشهر، وأخبرنا بما آل إليه أمرك، وأكثر من الدعاء أن يصلحها الله، وأن يصلح بينكما، والله الموفق.