تقدم لي رجلان فاخترت أحدهما، لكن لم تجر حياتي كما أريد.

0 40

السؤال

السلام عليكم
حفظكم الله، وبارك لكم.

منذ شهرين تقريبا أصبت باضطرابات نفسية، نتيجة تراكمات، وأرجح أنني أصبت باختلال الأنية، إلا أنني أتجاهل هذا الاختلال، كي لا أدخل في دوامة أخرى، وأصبح عندي قلق يلازمني؛ لأني أفكر كثيرا.

حالتي المادية أثرت في، أفكر في المستقبل كثيرا، وكيف سأتمكن من أن أوفر أبسط الاحتياجات من: لباس، وأكل، ودواء، ومنزل، أصبحت أفكر كيف أنني تزوجت هذا الشخص!! بالرغم من أنه يخاف الله في؟! فهو إنسان طيب، وحنون، ويسعى جاهدا ليوفر لنا متطلباتنا.

في الوقت الذي تقدم لي زوجي تقدم لي شخص آخر، ظروفه أحسن، رفضت الشخص الثاني بحكم أنني تعرفت على زوجي قبل، ولكن أهلي كانوا يريدون الشخص الثاني، فاستخرت الله، وطلبت منه أن يريني الطريق، وتزوجت من زوجي الذي كنت أعرفه، ولكن الآن أفكر ماذا لو أنني قبلت بالشخص الآخر لكانت حالتي أحسن؟

أحس بضغط عندما أذهب عند أهلي، وأشعر أنهم يشفقون علي، وفي نفس الوقت يحملونني المسؤولية؛ لأنه كان خياري.

فقدت تركيزي، وأحس أن عقلي مشوش، ولا أجد من أحكي له وأفرغ ما في قلبي، أشعر أنني سأجن، صلاتي متذبذبة، أحيانا أصلي وأحيانا لا، وزوجي الذي كانت الضحكة لا تفارقه تغير قليلا وأصبح مهموما؛ لأن العمل الذي يعمله غير دائم، ولا يوفر حاجياتنا، والعمل في بلادنا صار صعبا.

تعبت كثيرا من التفكير، أريد أن لا أفكر فيما يقلقني، واسترجع حالتي النفسية التي كانت قبل شهرين.

علما بأنني أتداوى الآن بالحجامة بسبب الهلع، وأنا أعلم أن حالتي المادية لو تحسنت سأتحسن، لكن لا أعلم ماذا سيحدث مستقبلا.

بارك الله لكم، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وأسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، إنه جود كريم بر رحيم.

أختنا الكريمة: دعينا نقسم سؤالك على عدة نقاط، وسنقدم في الأسئلة ونؤخر، حتى يكون الكلام أكثر تنظيما:

1- هل لو تزوجت الرجل الآخر لكانت ظروفي أحسن؟
2- هل يحق لي أن ألوم نفسي على اختياري؟
3- القلق الذي أحاط بي كيف أتخلص منه؟

هذه الأسئلة -أختنا- هي ملخص رسالتك، ودعينا نجيب عنها نقطة نقطة:

أولا: من أمضى أسلحة الشيطان التي يستعملها مع المسلم والمسلمة: (ماذا لو؟)، يريد أن يحزن بها ابن آدم، كما يريد له أن يعيش الهم والغم، ولا يستمتع ببعض النعم الموجودة في يديه، ولخطورة هذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الاسترسال فيه فقال: (إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان).

ومعنى تفتح عمل الشيطان، كما قال القاضي عياض -رحمه الله-: (أي أن قولها واعتياد معناها يظهر الطعن على القدر، ويفضي بالعبد إلى ترك الرضا بما أراده الله؛ لأن القدر إذا ظهر بما يكره العبد قال: لو فعلت كذا لم يكن كذا، وقد مر في علم الله أنه لا يفعل إلا ما فعل ولا يكون إلا الذي كان).

عليه -أختنا- فالحديث عن تغيير حالك للأحسن لو تزوجت غيره حديث من الشيطان لا أصل له، فاستعيذي بالله منه.

ثانيا: اختيارك هو الخيار الأفضل لك، وزوجك هو رزقك المقدور، ولو رجع بك الزمن ألف مرة لما كان اختيارك إلا هذا الزوج، وعليه فلا لوم ولا اضطراب، بل الواجب عليك الرضا بالقضاء والإيمان بأنه الخير لك، وتسليم العبد لله أمره والرضا بما وقع يهدئ نفسه ويطمئن قلبه، خاصة وهو يعلم أن الله تعالى يقول: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) [الحديد:22-23].

النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله قد كتب أمور الخلائق ومقاديرها قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).

وعاب القرآن على من انتهج هذا المسلك في مواطن كثيرة، منها ما كان في غزوة أحد حين قال البعض: (لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا) {آل عمران:154} رد عليهم فقال: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) {آل عمران: 154}.

عليه فلا لوم مقبول منك ولا من أهلك ولا من أي أحد، بل المطلوب الرضا بقدر الله والتسليم بأن كل ما في هذا الكون يخضع لإرادة الله ومشيئته وهذا هو الطريق لجلب الراحة والسكينة وطمأنينة القلب عند الابتلاء بالمصائب.

ثالثا: علاج القلق الذي أصابك: إذا أردت أن يستقيم حالك، وأن تعتدل نفسيتك، وأن تتخلصي من هذا القلق فانتبهي لما نقوله لك:

1- الإيمان الدقيق بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أنت فيه لون من ألوان الابتلاء مضى على خلق الله كلهم ليرى الله من عباده من يصبر ومن يضجر، فمن صبر وشكر أجر، ومن سخط فعليه سخطه، ولن ينال من الأجر شيئا ولا من الراحة قسطا.

2- النظر إلى من هم أشد منك ابتلاء، فإذا كنت في فقر فهناك من هم في فقر ومرض، ومن هم في فقر ومرض لا يعرف سببه ولا دواء منه ولا خلاص، كلما نظرت إلى من هم أكثر منك ابتلاء كلما علمت فضل الله عليك، وإلا والله إن بعضا من أخواتنا غاية مناها أن تعمل طيلة اليوم عند الناس فقط لأجل أن تجلب ثمن الدواء لابنتها! وهي مع ذلك راضية وصابرة ومحتسبة.

هناك من الأخوات الصالحات من اضطرها الحال بسبب الحروب في بلادها إلى الهجرة حيث لا أنيس ولا أمان ولا أمن، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فأين نحن منهن أختنا.

3- التذكير والتذكر بنعم الله الموجودة معك، اعلمي -أختنا- أن الشيطان يتقصد تعظيم مفقودك، وتجاهل موجودك، فالنعم التي أنت فيها كثيرة لكن أنساك الشيطان إياها حين ضخم لك هذا الابتلاء.

أقلها هذا الزوج الذي وصفتيه بالحنون والطيبة، وهذه نعمة عشرات النساء بل المئات يتمنين أن يسلب الله منهن كل نعيم وأن ترزق الواحدة منهن زوجا يحبها ويخاف عليها.

4- إيقاظ الإيمان المخدر في نفسك وبيتك وزوجك، وهذا الإيمان متى ما صح فإن حياتك ستنقلب إلى الخير لا محالة، فاحرصي -أختنا- على الفرائض والنوافل، وذكر الله في كل وقت خاصة الصباح والمساء وأذكار النوم، والخلوة مع الله ولو بركعتين قبل النوم، كل هذا له أسباب مباشرة في علاج القلق، وفي إعادة الاتزان النفسي لك.

5- زوجك الذي لم تكن تفارقه البسمة يحتاج منك إلى اهتمام أكثر، وتذكير بالله أكثر، وحمد لله أكثر، وتشجيع له حتى تستمر الحياة، اجلسي معه وتذاكروا اسم الله الرزاق، وحرضيه على شكر النعم الموجودة، فإن كان فقيرا فغيره مريض، وإن كان بلا عمل فغيره بلا أمل في الحياة من شدة المرض، هكذا -أختنا- يستقيم الحال، وينعدل الميزان.

نسأل الله أن يبارك فيكم وأن يحفظكم، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات