السؤال
السلام عليكم.
لي صديقة أثق فيها جدا، وأحبها مثل أختي، ولكن في الآونة الأخيرة اكتشفت أنها تراسل زوجي تخبره بما أفعله، يعني أنها مخبرة! لا أعرف ما الغاية من ذلك، لكني اكتشفت هذا الشيء، فزوجي يتحدث بأمور لا يعرفها غير صديقتي، قلت في أول مرة ربما أكون قد قلت له ونسيت.
وجربت مرة ثانية، وقلت لها موضوعا اخترعته، بعدها جاء زوجي يكلمني به، ثم أقول له: كيف عرفت؟ فيقول: أنت، أو يسكت؛ لأني جربتها عدة مرات، وكنت سأصارحه اليوم لأضع النقاط على الحروف، ولكني لم أفعل؛ لأن من يفعل عملا سيئا يكون له بالمثل، وسلمتها لرب العالمين، هو يأخذ حقي منها، ولكن سأكون حريصة، ولا أظهر لها ولا لزوجي أني عرفت، وحتى لو اتصلت أقول لها أني مشغولة، أو عندي مشوار، وأقلل التواصل وأجعله سلاما فقط.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فاعلمي بارك الله فيك ما يلي:
1- الجزم بأن صديقتك من أخبرت زوجك تجاوز في الحكم، فنحن في زمان صار التجسس فيه على الناس من أيسر الأمور وأسهلها، وإنا لا نتهم أحدا، ولكنا نعمل القاعدة التي تقول: إن الاحتمال إذا تطرق إلى الحكم سقط به، وإنا لا نزال نذكر تلك الفتاة التي كرهت أمها وأخواتها بدعوى أنهم ينقلون الكلام لزوجها، ثم بعد سنين، فوجئت بأن حسابها وحساب زوجها كانا مرتبطين ببعض، فكان يقرأ كل رسالة تصلها للناس، ثم ينتقى فقط من تلك الرسائل ما يخص أهلها حتى يبعدها عنهم.
2- نحن بالطبع لا نتهم الزوج كما لا نتهم الأخت، ولكن نقول لك -أختنا-: لا ينبغي أن تحل الضغينة محل الحب والود ما دامت المسألة ظنية.
3- لا نريدك أن تتحسسي، ولا تتجسسي، ولا تحاولي أن تفتشي وراء أحد؛ لأن هذا مرهق لأعصابك، وقد يكلفك من التعب أضعاف ما أنت عليه اليوم.
4- إننا ننصحك بأن تستمر العلاقة مع أختك -سيما إذا كانت من أهل الصلاح والتقوى- كما هي مع الاحتفاظ بأسرارك الخاصة لنفسك، وهذا هو الأصل -أختنا-، فقديما قالوا:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ،،،، فصدر الذي يستوعب السر أضيق.
5- لا تحملي من نفسك على صديقتك، ولا تضعيها موضع التهم، ولكن أحسني إليها دون أن يكون لذلك أثر على مسألة كتم الأسرار.
6- أهم ما ينبغي المحافظة عليه -أختنا الكريمة- سلامة الصدر مع المسلمين، وهذا يعود خيره عليك، فقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي الناس أفضل؟ فقال: (كل مخموم القلب، صدوق اللسان)، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد).
هذا -أختنا- من أفضل الناس، وأحبهم إلى الله تعالى.
فالمخموم كما قال العلامة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": (هو من خممت البيت إذا كنسته)، وهذا يتطلب مجاهدة قوية لتنظيفه من أهواء البغي والغل والحسد، وما أكثر تلوث القلوب بها! حفظ الله قلوبنا منها وحلاها بالتقوى والنقاء، وبنور الذكر والإنابة، والتواضع والخشية.
وهذا ما نقصده -أختنا- بسلامة القلب غير أن هذا لا يدفعنا إلى إفشاء أسرارنا لأحد، كما أننا نوافقك في عدم فتح الموضوع مع زوجك ولا صاحبتك.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.