السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ ١٢ سنة، ولدي ٣ أطفال، أكبرهم ١١ سنة، وأصغرهم ٦ سنوات، زوجي يقلل من احترامي كثيرا، أحاول دائما جذبه لحلول ترضي الله، لكنه يسمعني دون أن ينفذ أيا منها، تارة يكون شخصا مسالما، ولكن قبل انتهاء نهار كامل تقلب الموازين، ويحول يومنا إلى يوم سلبي، لم أحظ بيوم إيجابي كامل إلا يوما أو يومين على الأكثر.
أريد الطلاق؛ لأني حاولت كثيرا، صبرت، وسامحت على عدة أمور، لكني لم أعد أتحمل، ماذا يجب علي أن أفعل؟
لن أقدر على خطوة الطلاق؛ لأنه لا يوجد لي ملجأ ألجأ إليه، فأخي مصاب بالسحر، ولا يكلمني بسبب سحر التفريق، وإخوتي الآخرون متزوجون، ولا يكترثون، لا يوجد من ألجأ إليه غير الله عز وجل، حاولت كثيرا التكلم والتصافي معه، لكنه في كل مرة يؤذيني أكثر من ذي قبل.
لقد تعبت؛ فهو لا يعاملني باحترام، لا يصرف علي، بحجة أن البيت يحتاج لترميم، لم أعد أكترث لتلك الأمور؛ لأن الأمر الأساسي غير موجود، لا توجد محبة ولا احترام، يريدني جسدا فقط، الأمر متعب، والأدهى من ذلك عندما يكون بوضع رائق، يقول لي: كنت أتمنى أن يرزقني الله بزوجة مثلك ملتزمة، وصاحبة ذوق وأخلاق.
ربيت أبنائي على أتم وجه لأرضي الله، بيتي لا أقصر فيه، ولا في زوجي، لكني أكره زوجي عندما يتعامل معي كجسد فقط، تعبت، وأريد جوابا يجبر خاطري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أختنا الكريمة: بداية نسأل الله تعالى أن يعزز ويقوي صلتك بزوجك، ويغرس في قلبيكما المحبة والوئام.
ثانيا: نحن وإن كنا نتفهم مشاعرك التي تعيشينها بسبب إهمال زوجك، ولكننا في الوقت ذاته نلفت انتباهك -أختنا الكريمة- إلى الجانب الإيجابي المشرق في حياتك، فإن تفكرك في هذا يخفف الضغط عن نفسك، ويشعرك بالسعادة، ويدفعك نحو التفاؤل والقيام بشكر نعمة الله تعالى عليك، وكل ذلك يملأ قلبك فرحا وسعادة وسرورا.
وهذه الموازنة مهمة جدا في حياة الإنسان، حين يفقد شيئا ينبغي له أن ينظر إلى ما أعطاه الله تعالى ومنحه، ولذلك قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (انظروا إلى من تحتكم ولا تنظروا إلى من فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) يعني: حري بالإنسان حينها وجدير به أن يعرف نعمة الله تعالى عليه حين يتفكر وينظر إلى من فقدوا هذه النعم، فأنت وإن كنت تعيشين في حالة من تقصير زوجك، فإنك في مقابل ذلك تعيشين وتتنعمين بأشياء كثيرة فقدها غيرك وتمناها، فكثير من النساء -ولا يحصي عددهن إلا الله- من تتمنى أن تكون متزوجة على أي حال كان، وأكثر منهن من تتمنى أن يكون لها أولاد كما رزقك الله تعالى.
وإذا وسعت الدائرة قليلا فنظرت إلى نعمة العافية والكفاية وغير ذلك من نعم الله تعالى عليك فستعلمين أنك تعيشين في وضع ممتاز، ويدعو إلى السرور والفرح بهذه النعم التي تعيشينها، وحينها يستطيع الإنسان أن يحاول استكمال النقص، والسعي وراء تحقيق ما لم يتحقق، وينبغي له حينها أن يرضى بقضاء الله تعالى ويصبر على أقداره، فهذه الحياة طبيعتها أن يمتزج فيها الفرح بالترح، والحزن بالسرور، فهذه طبيعتها التي جبلها الله تعالى عليها، كما قال الشاعر:
ومكلف الأيام ضد طباعها ** متطلب في الماء جذوة نار
لذا نصيحتنا لك -أختنا الكريمة- أن لا تفكري بالطلاق؛ فإنه ليس هو الخيار الأمثل لك، وليس فيه إنهاء لمعاناتك التي تعيشينها، بل فيه إضافة معاناة جديدة، وهي ضياع الأولاد وتشتتهم، وتفرق هذه الأسرة، وفقد كثير من الخيرات، فصبرك على زوجك هذا، ومحاولاتك لإصلاح أحواله أنفع لك في دينك ودنياك فيما نرى، ويبدو لنا من خلال وصفك أن زوجك ليس بالغا الغاية في السوء، وأنه لا يكرهك كراهة مطلقة، ولكنه ربما لا يحسن التواصل مع الآخرين، ولا يحسن التعبير عن آرائه على وجه التمام، أو أنه يحمل قدرا من القسوة وسوء التصرف، وهذا كله يمكن إصلاحه أو تقليله على الأقل بالصبر والاحتساب، والاستعانة، والأخذ بالأسباب، فإنك ستصلين بإذن الله تعالى.
نصيحتنا لك أن تحاولي إصلاح زوجك، واستعمال الأدوات المؤثرة عليه، وكلما كانت الوسيلة أبعد عن المباشرة والمصادمة كانت أكثر قبولا وأدعى إلى التأثير، واعلمي جيدا أيتها -الأخت الكريمة-: أن صبرك هذا لا يضيع، فإنه مكتوب لك، وكل ما يصيب الإنسان من مصيبة وصبر عليها أثمرت هذه المصيبة أنواعا من الأجور والمسرات، إن لم يجدها في الدنيا وجدها في الآخرة.
وخير ما نوصيك به إحسان علاقتك بالله تعالى، واللجوء إليه، بأداء فرائضه، واجتناب محرماته، والإكثار من دعائه، والاستغفار، فهو سبحانه وتعالى مقلب القلوب، وحاولي أن تشغلي نفسك بحفظ القرآن في حلق التحفيظ إن تيسر ذلك، أو طلب العلم والفقه في الدين، عن بعد، ومن خلال المواقع الموثوقة، وهذا فيه خير كبير لك، فتشغلين وقتك حينها، وتتقربين إلى الله بحفظ كتابه وطلب العلم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير ويعينك عليه.