السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 23 سنة، أسكن في قرية صغيرة في ليبيا، سوف أتخرج بداية السنة الجديدة -بإذن الله- من كلية الهندسة، ابنة عمي تكبرني بسنتين، أحترمها جدا، وختمت القرآن، ولديها الآن شهادة في حفظ القرآن، وهي تدرس الصغار، وخريجة هندسة أيضا، ذكرت كل تلك التفاصيل؛ لأنني أريد جوابا متكاملا -لو تكرمتم-.
أنا أرغب بالزواج منها، ولكنني أعلم بأنني سوف أقابل بالرفض من أهلي، وأمي -حفظها الله- خاصة، أعتقد أن أبي لن يعارض كثيرا، سبب المعارضة أن زواج الأقارب يتبعه أمراض وراثية في الأطفال -متلازمة داون- وغيرها، ولأنها أكبر مني، وكثرة الكلام المتداول من أهل القرية لدينا، أخاف أيضا من رفضها، فتكون هناك حساسية بين العائلتين، فهل تنصحونني في التقدم لها؟
ليس بيني وبينها أي علاقة حب، أو حتى مقابلات، فقط رأيت بأنها مناسبة لتكون زوجتي، لأنها محافظة، وأنا متأكد بأنني سوف أكون مطمئنا على بيتي والأطفال لو رزقني الله؛ ففي هذا الزمن كثرت الفتن، والبعد عن الدين، وأنا أريد كسب ذات الدين، الفتاة على قدر عال من الاحترام والأدب والحشمة، ليست بارعة أو خارقة الجمال، هي فتاة عادية، ولكنها ذات دين، وهذا ما أريده في شريكة حياتي.
وهل تعتقدون أن فارق السن سوف يسبب المشاكل بيني وبينها في المستقبل؟ وبحكم خبرتكم هل تعتقدون أن زواجنا يمكنه الاستمرار في مجتمع قروي مغلق؟ لأنني أعلم أن كلام الناس هنا كثير ومزعج، آسف على الإطالة، لا أعرف كيف أشرح لكم موقفي جيدا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد القادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوجة الصالحة البرة التقية، إنه جواد كريم.
أخي الكريم: ثق أن رسالتك قد وصلت إلينا كاملة غير منقوصة، ونحن ترد علينا هذه الأسئلة كثيرا، وهذا أمر طبيعي، وإنما قلنا لك ذلك حتى لا يكون هناك مدخل للشيطان من أن ثمة أمور كان ينبغي تبيينها.
ثانيا: دعك الآن من والدتك التي يمكن أن ترفض، ودعك كذلك من متلازمة داون، والأمراض التي تأتي بسبب الزواج من الأقارب، ودعنا كذلك من القرية وأحاديثها، دعنا من كل ذلك، ليس لأنه غير مهم، فكل هذا مهم وله علاج يمكننا الأخذ به، لكن هناك ما ينبغي أن نتحدث فيه قبل هذه المرحلة، وهو ما يلي:
1- أنت لا زلت طالبا، ولا زلت في بداية العشرين من عمرك، والسؤال: هل أنت مستعد الآن للزواج؟ أو على الأقل فور تخرجك؟ لماذا نقول ذلك؟
اعلم -أخي- أن من وسائل الشيطان لصرف ابن آدم عن الخير، إشغاله بغير المقدور عليه، حتى ينشغل به فيورثه الهم والضجر، وقد يضيع ما هو واجب عليه بسبب هذا التفكير، وكثير من الشباب تدنت درجاتهم العلمية، بل وبعضهم وبعد أن كان من أوائل دفعته بسبب هذا الانشغال رسب ثلاثة أعوام، وتعثرت دراسته كثيرا، والعجيب أن من كان يريدها تقدم لها من هو أقل منه تدينا، لكنه أنهى دراسته، وكان قادرا على الزواج فقدموه عليه، فلا دنيا أصاب، ولا زوجة حصل، ولا دراسة أنهى، وكل ذلك بسبب هذا المدخل الشيطاني، وعليه فإن كنت غير قادر فاترك التفكير في الزواج بالمرة، فالزواج الآن ليس مناسبا لك، وإن كنت قادرا فأتم القراءة.
2- الفتاة في العمر أكبر منك -ونحن أخي ومن واقع تجربة نقول لك ذلك- لا نحبذها لأمور كثيرة يمكنك معرفتها بعد ذلك، بل إننا نرغب أن يكون بين الزوج وزوجته من خمس إلى تسع سنوات لصالح الزوج، بحيث يكون هو الأكبر.
3- ندرك -أخي- أن الحديث الدائر الآن عندك هو: لن أجد مثل هذه الفتاة دينا وخلقا، وهذا كذلك وهم، فالخير موجود وقائم، ولن تعدم الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
4- تقول في رسالتك: إنك واثق من نجاح تجربة الزواج بها، وإنك ستكون الأسعد، وهذا ضرب من الغيب، ونحن نقول لك: الزواج يبنى على ركائز أولها الدين والخلق، لكن ليسا كل شيء، فهناك طبائع يجب أن تتوافق.
ثالثا: إننا لا نراها الخيار الأفضل لك لأمرين:
1- لأنك لا زلت طالبا.
2- لأنها أكبر منك.
لكنك إذا أردت الاستمرار، فننصحك بأن تبدأ الحديث مع الطرف الأقرب للقبول وهو والدك، خذ رأيه أولا، وهو بدروه سينصحك، وإن رآها مناسبة لك سيكون عضدك أمام أمك وأمام أهلك، وإن لم يرها كذلك فقد علمت الأسباب.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يختار لك الخير، إنه جواد كريم.