السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد معرفة حكم الرجل الذي يتلاعب بعاطفة زوجته، ويتكلم عن إعجابه بالنساء بكل أريحية، حتى إنه يكلمهن أمامي، بدعوى بحثه عن زوجة أخرى!
لا أخفي عنكم أني لم أعد أرى نفسي أمامه زوجة، ولا أشعر بأنوثتي، رغم أني جميلة بشهادة الجميع، وأصبت بإحباط، وأرى كل شيء أسود، لا أمنعه حقه الشرعي، ولا أخاصمه، بل يرى مني كل ما هو جميل.
أشعر بضياع شديد، وخسرت نفسي، وأصبحت ألوم نفسي، لأني أعامله جيدا، واستقوى علي، لأنه يعرف خوفي من الله الذي يمنعني من المعاندة، وتعبت.
الحمد لله، أصلي دائما، وأدعو الله أن يرزقني حسن الخاتمة، وينهي عذابي، وأطفالي دائما يسألوني عن سبب بكائي في كل صلاة، وأصبحت إنسانة حزينة بالنسبة له، ولا يريد حتى المناقشة؛ لأنه يرى نفسه على صواب.
أريد الهروب والرحيل بعيدا، ولكني أجد نفسي مقيدة شرعا بحق زوج لا يراعي حقوقي، حتى في علاقتنا الخاصة، ويذكرني أنه يريد امرأة أخرى للتمتع، ويجرح كرامتي وكبريائي.
أعلم أن الإسلام أحل الزواج ولكن بشروطه، لا أريد الحديث أكثر، أريد السلام الداخلي الذي لم أنعم به يوما في زواجي، وتعبت حقا.
أرجو الإجابة هذه المرة، لأني أنتظر -بعد ثقتي بالله- من يريني طريق الصواب، فأنا حاليا لا أشعر بالسعادة، ماذا علي أن أفعل؟ أصابني الحزن بسبب سوء عشرته، وليس رغبته في الزواج، لا أنكر ما أحل الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نحن نهنئك بما من الله تعالى به عليك ورزقك من مراقبة الله تعالى في حق زوجك، وهذه خصلة جميلة، وخلق حسن، ودليل على حسن في إسلامك، ورجاحة في عقلك، ولا ينبغي أبدا أن يكون هذا الخلق سببا للوم نفسك، أو وقوعك في الحزن؛ فإن الله سبحانه وتعالى مع المتقين، ومع المحسنين، ومع الصابرين، ويحب الصابرين، ولا يضيع أجر من أحسن عملا، ويجزي الصابرين أجرهم بغير حساب، فهذه أوصافه سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، فكوني على ثقة تامة من أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع عملك هذا، وأنه سيخلف عليك ويعوضك بما تحبين، إما في دنياك وإما في آخرتك، والآخرة خير وأبقى، والأمر كله صبر يسير ثم تأتي العاقبة الحسنة، وكما قال الشاعر:
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ... لكن عواقبه أحلى من العسل
نحن أولا نثبتك على هذا الخلق، ونسأل الله تعالى أن يرزقك الصبر والاحتساب للدوام على ما أنت عليه من إعطاء الحق الذي عليك، ومراقبة الله تعالى في زوجك وفي أولادك.
أما ثانيا: فإننا نتفهم – أيتها الأخت العزيزة – المعاناة النفسية التي تجدينها بسبب تصرفات زوجك هداه الله، نسأل الله تعالى أن يرده إلى الصواب ردا جميلا، وما تجدينه أمر طبيعي، فالإنسان يتأذى ممن يشعره بنقص فيه، ولكن مما يذهب عنك هذا الحزن، ويبعد عنك هذه المنغصات: أن تعلمي بأن سلوك زوجك ليس لعيب فيك، وإنما لعيب خلقي فيه هو، وينبغي أن يكون الحزن منصبا عليه لا عليك أنت، فمما لا شك فيه أنه يمارس سلوكا غير صحيح، غير لائق بالإنسان أولا كإنسان، وغير لائق بالزوج مع زوجته.
سلوكه هذا ينبغي أن يكون سببا لرحمته، والإشفاق عليه بسبب هذا النقص الذي وقع هو فيه، وأما أنت فينبغي أن تكوني واثقة بنفسك، وتستمري على ما أنت عليه من إعطاء الحق الذي عليك لزوجك ولأسرتك، فاستمري على ما أنت عليه من التعلق بالله سبحانه وتعالى، ودعائه بأن ييسر لك الخير، ويقدر لك الخير، وحاولي نصح زوجك بلين ورفق، واستعملي الأدوات الممكنة في التأثير عليه، ولو بإسماعه المحاضرات الجميلة، والكلمات اللطيفة في حسن الخلق، والإحسان إلى الزوجة والأولاد والجيران ونحو ذلك، فهذا الخلق يحتاجه كل أحد، وإذا أمكنك أن تستعيني بمن يمكن أن ينصحه من الأقارب فهذا شيء حسن.
لكننا في نهاية الأمر –أيتها الأخت العزيزة– نؤكد أنك ماضية في الطريق الصحيح، وأن ما يحدث من زوجك إنما هو نقص في حقه وليس نقصا فيك أنت، وكرم خلقك، وحسن تعاملك مع زوجك، وحرصك على القيام بحقوقه، وعدم ممانعتك من أن يتزوج بزوجة أخرى؛ كل ذلك يدل على أخلاق فاضلة، وكمالات إنسانية تتمتعين بها، لا توجد عند كثير من النساء، فلا تلتفتي لممارسات الزوج الخاطئة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.