السؤال
السلام عليكم
أعاني من عدم القدرة على القيام بأي شيء في الحياة، لا شكليا، ولا نفسيا، ولا اجتماعيا، ولا عمليا، ولا في أي جانب آخر، بل على العكس، أتوقع الأسوأ دائما.
عندما يتحدث أهلي معي، أجدهم يكررون الأفكار التي تدور في عقلي، فمثلا: أعاني من ضيق في صدري يمنعني من الحركة، وأنا أعترف بهذه المشكلة، لكن بدلا من أن أجد منهم دعما أو تفهما، أسمعهم يقولون لي: أنت لا تتحركين، وكأنهم يلومونني، وأنا لا أستطيع أن ألومهم بالكامل، وفي الوقت نفسه لا أعلم ماذا أقول لهم.
أنا حقا أرغب في أن أكون أفضل، لكن هذا الأسلوب يضايقني ويدفعني إلى كراهيتهم، ثم انتكست مرة أخرى، وأصبحت في مأزق حقيقي، لا أستطيع أن أكون جيدة أمام أهلي بسبب مشاعري السلبية تجاههم؛ نتيجة طريقتهم في معاملتي، ولا أستطيع أن أكون جيدة مع نفسي؛ بسبب شعوري بأن حياتي سيئة.
أشعر أنني في نفق مظلم مسدود، لا أستطيع اتخاذ قرار، ولا أعرف كيف أنقذ نفسي، ومهما حاولت، أجد أنني أعود في النهاية لأشعر أنني سيئة!
لم أعد أرغب في الحياة، ولم أعد أود فعل أي شيء، فقدت الأمل في كل شيء، أشعر وكأنني لا أملك نفسي، ولا أقدر على التحكم بها أو إنقاذها، ولهذا لجأت منذ صغري إلى العادة السرية والإباحية.
أصبحت فقط أنتظر زوال الكرب دون أن أحرك ساكنا، لأنني أشعر أن هناك شيئا غريبا يحدث في حياتي لا أفهمه.
مؤخرا، قرأ الراقي علي، واتضح أنني مصابة بسحر، وقد تكلم من بداخلي –أي الجني– وقال بالحرف ما أشعر به داخليا، مثلا: "أبوك وأمك لا يحبانك"، "أريد تدميرك"، "انتحري"...إلخ.
أنا لا أريد أن أعلق أخطائي على هذا، لكن فعلا ما قاله يعكس ما أشعر به داخليا، حتى إني لم أعد أعلم: هل هذا ما أفكر فيه أنا، أم هو ما يلقى إلي من هذا الكائن؟ ماذا أفعل؟ لأنني أعلم أنه لا أحد سيعالجني إلا الله ثم أنا!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.
أولا: الحمد لله أنك وصلت هذه المرحلة من التعليم، فهذا يؤكد أنك قادرة على مواصلة المسيرة التعليمية، وتخطي هذه المرحلة بكل جدارة، وليس ذلك على الله بعزيز.
ثانيا: لا بد من إعادة ترتيب نفسك من الداخل، ووضع أهداف واضحة لخططك المستقبلية، وكذلك السعي لمعرفة أسباب الكسل ونقصان الدافعية للإنجاز، فربما تكون الأسباب عضوية –أي جسدية– منها اضطرابات الهرمونات الجسمية، أو نقصان الفيتامينات المهمة للحيوية والنشاط.
ربما تكون هناك أسباب نفسية مثل كثرة الإحباطات، ومواجهة الصراعات وعدم القدرة على حل المشكلات، وكل هذه يمكن أن تؤدي إلى اضطراب المزاج والشعور باليأس، وأن الأمور لا تتغير ولا تتبدل.
ربما تكون هنا أسباب اجتماعية، كالصراعات والمشاكل الأسرية وعدم الفهم للعلاقات الديناميكية بين أفراد الأسرة، أو عدم القدرة على تكوين الصداقات الاجتماعية.
وربما تكون أسبابا روحية ترجع إلى عدم الطاعة وأداء الفرائض كالصلاة، وارتكاب المعاصي.
النظرة ينبغي أن تكون شاملة وفاحصة، فإذا علمت الأسباب يكون العلاج أو حل المشكلة أسهل، ولذلك -أيتها الفاضلة- لا بد من عرض نفسك على المختصين في المجال، لتتم عملية التشخيص بصورة جيدة، والخدمات النفسية أعتقد أنها متوفرة داخل الجامعة وخارجها، فبادري بالذهاب إليها، فستجدين كل مساعدة من قبل الطاقم الطبي المتخصص، والإنسان عليه أن يعمل بالأسباب ويتوكل على الله، والحياة جميلة وفيها ما يمتع، وبتقوى الله تتحقق السعادة، وأمر المؤمن كله خير كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فما عليك إلا أن تبدئي في حل المشكلة والسعي لمعرفة الأسباب، والحرص على ما ينفع، وعدم العجز، والبحث عن العلاج، وكل ذلك -إن شاء الله- يمكن أن يتم بصورة جيدة إذا جلست مع المختصين في المجال، سواء كان في الطب النفسي أو في العلاج النفسي غير الدوائي.
والله الموفق.