السؤال
السلام عليكم
أنا شاب، طول حياتي علاقتي بأهلي إلى حد ما جيدة، أسمع الكلام في كل كبيرة وصغيرة، على عكس إخوتي الذين كانوا دائما ما يفتعلون المشاكل مع أهلي، ويخطئون في حقهم بالشتم، وقد تصل إلى الضرب، كنت دائما أجتنب ذلك خوفا من الله، أحاول بر الوالدين في كل شيء بقدر ما أستطيع.
لكن بعد أن تزوجت منذ عامين تغير الوضع، وأصبح معي زوجة، لا أستطيع أن أجعلها تعمل ما لا تطيق، فأصبحت أعيش في مشاكل بشكل مستمر بسبب أهلي وزوجتي.
المشاكل كلها أشياء خاصة في حياتي، أو أرى أنها خاصة، مثلا أنا أعيش بالخارج، وأهلي يرون أني يجب أن أترك لهم مفتاحا للبيت الخاص بي داخل بيت العائلة، وأنا أرفض، وحصلت مشكلة كبيرة.
مشكلة أخرى، زوجتي قبل الولادة كانت تريد أمها، وأهلي قدموا على الفيزا، وكان من رأيهم أنهم يكفوها عن أمها، وكانت مشكلة كبيرة عندنا، وقلت لهم إن حماتي ممكن تأتي وأنتم هنا، و-الحمد لله- في النهاية لم تأت، وحلت المشكلة، والمشاكل كثيرة جدا.
من المشاكل -والتي أنا فيها الآن- أن أمي قامت برفع صورة للمولود على فيسبوك، وزوجتي لا ترغب في وجود صور لابنها على فيسبوك، بسبب الحسد وكثرة الناس الذين يرون الصورة، وعندما كلمت أمي بهدوء لتمسح الصورة شتمتني، وقامت برفع الصور في مكان آخر، وقالت لي: لا تسمع كلام زوجتك.
علما بأنها لا تعلم أن ذلك رغبة من زوجتي، وفي كل مرة تحدث مشكلة أمي تشتمنا وتشتم زوجتي وحماتي بدون سبب، وأنا أعلمها أن هذه رغبتي أنا في هذا الشيء، وفي معظم الأوقات تكون رغبتي ولا تصدقني، وصرت أفكر في الانفصال رغم حبي لزوجتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ البار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يوفقك.
وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فأقول:
أخي الغالي: يجب أن نعطي المشاكل حجمها الطبيعي، فلا يكون هناك تهويل ولا تهوين؛ حتى يتمكن الشخص من اتخاذ القرار والعلاج المناسبين، والحذر كل الحذر من أن تكون القرارات ردود أفعال لمواقف معينة.
أخي العزيز: اعلم أن بر الوالدين واجب شرعي، وهو من أعظم القربات وأحب الأعمال إلى الله تعالى، ولكن في الوقت نفسه فالشرع -كذلك- يأمرك بالإحسان إلى زوجتك، وينهاك عن ظلمها.
من المهم استيعاب ما يصيب بعض الأمهات من الغيرة من زوجة الابن؛ حيث تشعر أن امرأة جديدة دخلت العائلة وتريد أن تخطف منها ابنها، وأحيانا الأم تفعل ذلك لأنها تبحث عن اهتمامك أنت، فإذا لم تجد منك الاهتمام الذي كانت تجده في السابق؛ فإنها ستشعر أن الزوجة هي السبب في تغيرك، وأنها تنافسها فيك؛ مما يولد الكثير من المشاكل.
وعليه -أخي الحبيب- أرى أن تقلل نقاط التماس، ومواطن الاحتكاك بينهم قدر المستطاع، فابتعد عن نقل أخبار بعضهما لبعض؛ فلا تتحدث أمام أمك عن الأمور التي تفعلها لزوجتك من نزهات، أو أسفار، أو مشتريات، أو غير ذلك، وتجنب إظهار أي احتفاء زائد بالزوجة أمام الوالدة، واستقل بمسكن خاص بك بعيدا عن أهلك ووالدتك.
من المهم جدا إظهار اهتمامك بأمك -كما كنت في السابق أو أشد- بحيث لا تشعر أن الزواج غيرك، ولا تطل الغياب عنها، وإن استطعت أن تزورها يوميا فأفضل وأبرك، فإن عجزت فلا أقل من الاتصال، احرص على أن تضاعف من برك لأمك.
اتفق مع زوجتك على إكرام الوالدة، وأنت تقوم بإكرام والدتها وأهلها، وتبين لها أن إكرامها للوالدة يرفع من قيمتها عندك، وصبرها عليها هو نوع من حسن العشرة لك، وعليك أن تصبر زوجتك وتدعمها معنويا، فيجب عليك أن تشجعها وتشكر صبرها، وهذا ما تحتاجه الزوجة، فأي زوجة تجد دعما معنويا من زوجها تستطيع أن تصبر، مهما كانت الصعاب، ومهما كانت المواقف.
عليك أن تبالغ في إكرام الوالدة، وعلى زوجتك أن تبالغ في الصبر عليها، والإحسان لها من أجلك، وعليك أن تبادل وفاء زوجتك لأمك بالوفاء معها، وتجتهد في هذه الموازنة.
وفقك الله أخي، وحفظك من كل سوء، ووفقك للخير وجعلك من أهله.