أعيش مع نفسي حوارات وتخيلات طويلة وكأنها أمامي.

0 47

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي: أنني أتحدث مع نفسي كثيرا!

وأكثر حديثي أنني أتخيل سيناريو واحدا في كل مرة، وهو ضرب زوجي لي ضربا مبرحا، وأنني تعرضت لمشاكل صحية بسبب هذا الضرب، وبعد ذلك أذهب للمستشفى، ويخبرون الشرطة، وأقف أمام القاضي وأتطلق منه.

ثم أكمل السيناريو بأن زوجي السابق قد ندم ندما شديا على ما فعله لي، وأنه يحاول الاعتذار مني لنعود مجددا سويا، وأنا أرفض ذلك.

ثم يتقدم لخطبتي شاب آخر يحبني حبا كبيرا، ويقدم لي كل ما أريد وأتمنى، طبعا أستمر بتخيل هذا الموقف لوقت طويل، وأتحدث مع نفسي، وأتكلم مع زوجي ومع كل الشخصيات وكأنني أراها أمامي فعلا!

علما أن زوجي ضربني بعد ولادتي بأسبوع ضربا آذاني جدا، ولم تكن المرة الأولى التي يضربني بها، وتدخل والده، ووعدني أن لا يتكرر هذا أبدا، لكنني لا أستطيع أن أنسى، ولا أستطيع تجاوز الأمر أبدا، بالرغم أن زوجي شخص جيد ويحبني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Farah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه جواد كريم.

أختنا الكريمة: الكلام مع النفس يطلق عليه البعض الإيحاء الصامت، وهو يختلف من فرد لآخر، لكن الجامع بينهم ما يلي:
1- الشعور بالظلم مع عدم القدرة على الانتصار.

2- الإغراق في تلمس الحياة المثالية أو الأفلاطونية التي لا تمت للواقع بصلة.

3- ضعف الأمل في تحسن الحياة الواقعية، والهروب إلى الحياة الافتراضية التي يتجانس فيها ما يريد الشخص مع ما يتخيله.

ولا شك أن للشيطان دورا هاما في تأجيج هذا النوع من السلوك الإيحائي؛ لأنه يباعد بين الزوج وزوجته من ناحية، ويجعلها عرضة للتدهور النفسي، ولا شك أنه يستعين بالأحلام حتى تجعل بعض التخيلات حقيقة، أو حتى يجسد هذه الإيحاءات التخيلية ليجعلها أقرب إلى الحقيقة، وهنا لا يريد الشخص العودة إلى الواقع، بل يحب المكوث في هذا العالم التخيلي.

أختنا الكريمة: هذه الجوامع كما ذكرنا تختلف من فرد لآخر قوة أو ضعفا، وإذا أردنا التخلص منها؛ فعلينا بما يلي:

1- التفريق بين الحياة المثالية التي لا وجود لها في الدنيا، وبين الحقيقة التي تقول: بأن طبيعة الحياة مزيج من السعادة والتعاسة، من الألم والأمل، من الفرح والكدر، من الصحة والمرض، تلك هي طبيعة الحياة، والتعامل معها بهذا المنظور يريح الإنسان ولا يدمره.

2- وضع السلبيات بجوار الإيجابيات؛ حتى يتعدل المزاج النفسي، ويستقيم الحكم العام، فمثلا: قد ضربك زوجك، وهذا خطأ لا نختلف حوله، لكن الإغراق في التفكير في الضرب وحده يذهب بك إلى مثل تلك الحالة، والواجب أن تضيفي مع التفكير أنه طيب، وحنون، وكل صفة إيجابية فيه، وأن والده تدخل ولم ينصر ولده، بل وعدك بعدم التكرار، وأن الخطأ وارد على الجميع، وأن الله وهو الخالق يقبل توبة العاصي فكيف بالمخلوق، وأن من عفا فأجره على الله، كل هذه المعاني تجعل الحكم متزنا.

3- العمل على قتل الفراغ في حياتك؛ لأن دائرة الإيحاء ومحيط عملها هي بيئة الفراغ، فاجتهدي أن تشغلي وقتك بالقراءة أو النافع من العلوم الشرعية، وكذلك اجعلي لك وردا ثابتا من كتاب الله كل يوم، المهم ألا يوجد عندك وقت فراغ.

4- الاقتراب من الزوج أكثر، والحوار معه؛ يقلل تلك المساحة الخطرة، وكذلك يضيق تلك الفجوة بينكما.

5- احرصي على تحصين بيتك بالأذكار والأوراد، وقراءة سورة البقرة كل ليلة، أو الاستماع لها، ولا تخلدي للنوم إلا على وضوء وبعد قراءة أذكار النوم.

إذا فعلت ذلك فإننا نتوقع العودة إلى النفسية الهادئة في مدة قصيرة -بإذن الله-، نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات