زوجي يصرف أمواله على والديه رغم عدم احتياجهما!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تشاجرت مع زوجي بسبب طلبات والديه، فهو يعمل في الخارج، واتفقت معه عند الخطبة على أني سأسافر معه، وشاء الله أني لم أستطع السفر معه، فطلبت منه العودة مرارا، ولكنه يرفض ولا يريد إلا بعد أن يؤمن لنا مستقبلا كما يزعم.

مرت أربع سنوات، وطلبات أهله بشكل مستمر ومتتالي، يطلبون منه المال، وطلبهم هذا لا ينتهي، وهو يعتقد أن هذا من البر بهم، مع العلم أن المال معهم كثير جدا، لدرجة أنه من الممكن أن يستلف ويستدين حتى يعطيهم ما يطلبون، ويطلب مني بأن أستدين لأنه ليس معه ليعطيهم، ووالدتي أصلا هي التي تصرف علي وعلى طفلي -أكل وشرب-.

أهله يتدخلون في كل أمور حياتنا، ويقول لي: أنا لا أسمع منهم. وإلى حد ما إذا حصلت بيننا أي مشكلة أعرف أن والدته وأخته هما السبب في ذلك.

قلت له إني لا أريد أي مشاكل، فكان رد الفعل بعد تسجيل صوتي لأهله أن اتصل والده ليطلق، ولكن أهلي قاموا بتهدئة الوضع، وإلى الآن هو يري أن أهله لهم حق عليه، وأني سيئة وأريده أن يعقهم.

حاليا: أهله لا يتكلمون معي نهائيا، وأخدمهم إجباريا، وأحتمل منهم؛ لأن والده مريض الآن، ورغم مرضه واحتمالي منهم لأجل زوجي، فهم ينتظرون أي خطأ ليفتعلوا المشاكل!

كيف أقنعه أن هذا ليس برا، وأن حقي وحق أولاده هو أن يعيش معنا، ولا ضرورة للمال؟ وإذا كان مصرا فليمنع المال عنهم، لا أقول كله، ولكن يجعل لهم قسطا بسيطا.على سبيل المثال: أخذوا منه خلال أربع سنوات آلافا من الجنيهات لعمل أشياء غير ضرورية، إنما للمنظرة فقط، مع حرماني وأولادي من أقل المتطلبات التي تنفد، ويبقى الخصام؛ لأنه ليس معه ما يغنينا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت؛ فقد بدا لنا أن هناك أربع مسائل يجب الفصل بينها، والرد على كل واحدة على حدة؛ حتى لا تختلط الأحكام وتتداخل، كما هو واضح في رسالتك أيتها الكريمة:

أولا: مسألة غياب الزوج عنك.
ثانيا: حكم النفقة عليك.
ثالثا: حكم النفقة على أهله.
رابعا: حكم خدمتك لأهله.

أولا: قد ذكرت -حفظك الله- أن الزوج خرج طلبا للرزق بإذنك، شأن أكثر الأخوات اللاتي يغترب أزواجهن، وقد أجاز الشارع ذلك بشرطين:
1- أن تكون الزوجة في مأمن.
2- أن تأذن هي في ذلك.

ولك الحق في طلب حضوره متى ما استشعرت ضرورة ذلك، وعليه واجب التلبية ما أمكنه، وقد أفتى أهل العلم أن الزوج إذا تأخر في الرجوع إلى زوجته حتى خشيت على نفسها بسبب غيابه؛ فلها الحق في رفع أمرها إلى القضاء، لإجراء اللازم نحو عودته أو تطليقها، حفاظا عليها، ومنعا للفساد، وإنما نقول لك ذلك حتى تفصلي بين ما أذنت فيه وبين المشكلة القائمة، فالشيطان حريص على تداخل المشاكل وربطها ببعض عظيم.

ثانيا: نفقتك على زوجك واجبة عليه من سكن، وملبس، ومأكل ومشرب، وما تطلبه ضرورات الحياة بالمعروف، ووفق قدرته واستطاعته، وحقك مقدم على غيرك في هذه الضرورات الفائتة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تصدقوا. فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، فقال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصر).

قال النووي: "إذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم، نظر: إن وفى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم، وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد، قدم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب؛ لأن نفقتها آكد، فإنها لا تسقط بمضي الزمان، ولا بالإعسار".

ثالثا: حكم النفقة على أهل الزوج واجبة عليه كذلك، ولا يجوز له شرعا أن يدخر مالا زائدا عن حاجته الضرورية ووالداه يحتاجان إليه.

رابعا: خدمة أهل زوجك ليست واجبة عليك، والواجب عليك فقط طاعة زوجك وخدمته بالمعروف، فإن فعلت فهو من الإحسان إلى زوجك ولك الأجر عند الله على ذلك، وإذا امتنعت عن خدمة أهله فهو حق لك، ويجب على الزوج ساعتها أن يجلب لهم من ماله خادمة، أو ينزل هو ليخدمهما.

هذا -أختنا- عن الأحكام الشرعية، ونحن ننصحك بما يلي:

أولا: الذي يحسن إلى والديه هو لزوجته والإحسان إليها أقرب، والذي يعق والديه هو إلى الإساءة لزوجته أقرب، وإن من السعادة للمرأة أن تجد زوجها يحسن إلى أهله؛ لأن هذا يطمئنها على نفسها وعلى أولادهما بعد ذلك، فالبر موروث والعقوق موروث.

ثانيا: والد الزوج كما ذكرت مريض، وشعور المغترب حين يعلم بأن والده مريض، وهو لا يقدر على النزول إليه أو مساعدته مباشرة، شعور قاس، ومن وفاء الزوجة الصالحة -وأنت إن شاء الله منهن- ألا تجمع على زوجها الغربة، وتحمل هم مرض والده.

ثالثا: اعلمي أن للشيطان مداخل، وهو متربص بك، وأقصى أمانيه أن يقوض وينقض بناء بيتك، ومن مداخل الشيطان في مثل حالتك: الظن السيئ، وتضخيم المشاكل، ولعلك لاحظت ذلك في قولك: (وهم ينتظرون الخطأ ليفتعلوا المشاكل)، هذا هو المدخل، وإنا لنرجو أن تبدئي أنت بسد هذه الثغرة، وأن تغلقي باب الشيطان، ولك الأجر من عند الله عز وجل، وتذكري أن الله لا يضيع عنده شيئا، فقد دخلت امرأة الجنة في سقيا كلب، فكيف بمن خدمت أهل زوجها، وخدمت رجلا مريضا هو والد زوجها احتسابا للأجر؟!

رابعا: اعلمي أن الله يبارك بالنفقة على أهل زوجك في حياتك وأولادك وعافيتك وعافيتهم، ويدفع عنكم من البلاء ما الله به عليم، وتذكري أن الصدقة لا تنقص المال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة).

وعليه فنحن لا ننصحك بالتفكير في طريقة لإقناع زوجك في تقليل النفقة على أهله، حتى ولو كنت ترين أنها كمالية عليهم؛ لأنه لن يقدر بحكم عاطفته، ولأن أهله هم من أحرص الناس عليه، فهذا أبوه ووالده الذي تعب السنين لأجله، وتلك أمه ووالدته التي عانت في حياتها تربية له، وأنت أم ووالدة تعلمين جيدا مكانة الابن عند والديه.

لذلك اجتهدي -أختنا- في أن تنزعي هذا العور من قلبك، وأن تعاملي والدي زوجك كأهلك، واحتسبي الأجر عند الله، ولا تكوني في موقف بين زوجك وأهله، ولا تستمعي لأحد يقوي هذا الشعور عندك.

خامسا: عمقي -أختنا- الحوار بينك وبين زوجك بعيدا عن الصراعات هذه، واعلمي أن المودة والرحمة متى ما استعيدت ابتعدت تلك العقبات، وسيكون زوجك لك سندا ومعينا إن شاء الله.

هذا هو ما ننصحك به حفاظا عليك وعلى بيتك وأهلك، واحتسابا للأجر من عند الله عز وجل.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يصلح حالك وزوجك، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات