السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عشرينية، أعيش أنا وأمي المطلقة حياة أكثر من تعيسة، أقسم بالله العظيم بأنا في مشاكل عظيمة، نسمع كلاما فاحشا يوميا، السب، والصوت المرتفع يوميا لم نعد نحتمل لا أنا ولا أمي، خاصة وأنها مريضة، والسبب من أخي العاصي لله وللولدين يسب ويشتم، يعتبرني أنا وأمي عبيدا لا نستطيع التكلم ولو بكلمة، يفعل كل الأشياء المحرمة، لا يوجد فيه ذرة خوف من الله، حتى صوت الأذان يقول لي أغلقيه.
أنا معتادة على النهوض قبل ساعة من صلاة الفجر، أقوم الليل بسورة البقرة، فعند سماع المنبه -وهو صوت الأذان- قال لي كلاما جارحا في حق (الله أكبر)، والكثير من الأفعال التي لا تطاق، صبرنا وصبرنا، لم نعد نحتمل!
أرجوكم ساعدوني، انصحوني وادعوا لي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي يا رعاك الله تعالى:
أولا: كان الله في عونك، والحمد لله على تدينك، ونسأل الله أن يزيدك هدى وصلاحا، فالبلاء في الأخ عظيم، لا سيما إذا كان بهذه الطريقة، وإنا لنرجو الله له الهداية؛ لأن الوجع الذي تتحدثين عنه وهو حقك لا يساوى عشر معشار ما تعانيه أمك نسأل الله لها الإعانة والسداد.
ثانيا: أختنا الكريمة: كنا نود أن نعلم عمر هذا الشاب، وهل كان متدينا في صغره أم لا؟ وهل هو متعلم أم لا؟ وهل يعمل أم لا؟ كل هذه إجابات كانت ستقربنا من فهم نفسيته أكثر، لكنه في النهاية سيكون قريبا من عمرك، وهذا يعني أنه قد اجتمعت عليه ثلاث مصائب:
1- المراهقة.
2- غياب الرادع.
3- ضعف التدين.
وهذا يحتاج إلى مجاهدة حتى يستقيم أمره، ونسأل الله أن يعجل بذلك.
ثالثا: نرى أن البداية تكون بوجود رادع له، لا بد أن يتدخل والده إن كان له عليه بقية سلطان، فإن لم يكن فأخواله، فإن لم يكن فأحد يهابه أو يخشى التعرض له، نحن بالطبع لا نعرف شيئا عنه لكن هذا هو الطريق الأسهل والأيسر.
رابعا: اعلمي -أختنا الكريمة- أن أكثر ما يؤثر في الشاب في مثل عمر أخيك: الصحبة السيئة أو الصالحة؛ لذا نريد منكم أن تبحثوا في أصحابه فإذا وجدتم فيهم أحدا صالحا فاجعلي والدتك تحدثه ليجتهد في جره إلى الخير رويدا رويدا.
خامسا: لا ننصحكم بمعاندته حتى لا يضطر إلى أن يخرج أقبح ما فيه وأنتم لا تستطيعون منعه أو رده، كما لا ننصحكم كذلك بالسماح له بتجاوز الحد حتى لا يعتاد على ذلك، لذا نرجو أن تكون بين الأمرين، وأن تظهروا له من مشاعر الود والحب ما يجب، لا تشعروه أنه عدو لكم أو أن وجوده في البيت كارثة على رأسكم، بل اعلموا أن فيه حنانا فطريا لكم، مهمتكم أن تنمو هذا الحنان وأن تعيدوه إلى مكانه، كما نرجو عند نصحه أن تتخيروا الأوقات المناسبة، وأوكلي هذه المهمة لأمك فمهما كان صاحب قلب قاس إلا أن الأم لها من المكانة ما ليس لغيرها.
سادسا: ابتعاده عن سماع الأذان أمر مزعج لذا ننصحك -أختنا- بتحصين البيت بقراءة سورة البقرة كل ليلة فيه، كما نوصيك بالمحافظة على الأذكار العامة والخاصة وأذكار النوم.
سابعا: هذه طبيعة الدنيا -أختنا الكريمة-، الله خلقنا ليبتلينا فيها حتى يظهر الصادق في دعواه بالإيمان من الكاذب، والله حكم عدل يبتلي من يشاء بما يشاء لا يسأل عما يفعل، وحكمته -جل وعلا- مصاحبة لمشيئته، فقد ابتلاك بهذا وابتلى غيرك في مثل عمرك بالمرض المقعد، وابتلى غيرك بغياب أهلها وتهجيرها من بلادها، وابتلى غيرهما بالعمى أو الشلل أو غير ذلك، والواجب على المسلم الإيمان والتسليم لله مع الرضا، وهذا لا يمنعه من دفع الابتلاء ما أمكنه ذلك، فاصبري -أختنا- وكوني سندا لوالدتك واعلمي أن الله سيكتب أجرك.
وختاما: أكثري من الدعاء له بالهداية، واجعلي والدتك تدعو له كذلك عسى الله أن يتقبل دعوتك ووالدتك فيهديه الله ويصلحه ويكون خير سند لكم في الحياة، وفقك الله -أختنا- ورعاكم، والله الموفق.