السؤال
السلام عليكم،
أنا أصلي، وأحاول الالتزام بديني قدر استطاعتي. كانت لدي شهوة جامحة، وحاولت الزواج وأنا في سن العشرينات، لكن ظروفي المادية منعتني، ووالدي لم يكن يهتم لهذا الأمر، والحمد لله فقد رزقني سبحانه بمقدرة مادية، وأنا الآن في الثلاثينيات وتزوجت، ولكن الموضوع كان غريبا، ولا أدري كيف حدث ذلك!
بادرت هي بإرسال رسالة تعارف لي على الإنترنت بعد أن قرأت منشورات لي (خاصة بالزواج) على جروب، وأبدت إعجابها بآرائي وأفكاري.
استمر التواصل حوالي شهرا أبدت خلاله رغبتها في الارتباط بشخص مثلي، ثم طلبت طلبا له علاقة بعملي، عرضت عليها أن أنجز لها طلبها وأيضا نتقابل في مكان عام حتى أراها، فإذا حدث قبول أتقدم لخطبتها رسميا من أهلها.
تقابلنا في مكان عام، ثم مرة أخرى في مكان عملها، هي منتقبة، لكنها رفعت النقاب بناء على طلبي كي أرى وجهها قبل الخطبة، بالفعل خطبتها، واتفقنا على كتب الكتاب في أقرب وقت، لكن بعد الخطبة، غير الأب رأيه بأن يكون كتب الكتاب مع الزفاف حتى وإن تأخر.
للأسف، وقعت معها في التجاوزات كلها إلا جماع الأزواج، أردت أن أنهي الموضوع خشية أن يؤثر على حياتنا فيما بعد، لكن شعرت بأنني ملزم تجاهها، ولا أغدر بها.
هي تحافظ على الصلوات، وبعض النوافل، وقراءة القرآن، يوم زواجنا (منذ عام) صلينا ركعتين توبة لله.
المشكلة الآن هي كلما حدثت بيننا مشاكل؛ تثار الشكوك عندي تجاهها بما كان بيننا، وأفكر بالطلاق، فربما تكرر مع غيري ما فعلته معي. فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رأفت حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك لك في زوجتك، وأن يحفظكما من كل مكروه، وأن يغفر لكما ما مضى من تجاوزات، إنه جواد كريم.
أخي: قد تزوجت الفتاة وصارت الآن تحت يدك، وقد تبت إلى الله وتابت هي معك، فلماذا عند كل مشكلة تفتش في الماضي؟ لماذا تفترض ما لا دليل لك عليه، وما يؤذيها في دينها ومشاعرها؟
لعلك لا تعلم -أخي الكريم-، ولعل الجواب إن شاء الله يبصرك بما يراد لك.
أخي الكريم: اقرأ معنا قول الله تعالى:(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ۚ إن الشيطان ينزغ بينهم ۚ إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)، واقرأ معنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة، يجيء أحدهم فيقول ما زلت بفلان حتى تركته، وهو يقول كذا وكذا، فيقول إبليس لا والله ما صنعت شيئا، ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بـينه وبـين أهله، قال فيقربه ويدنيه (ويلتزمه) ويقول نعم أنت.
أخي الكريم : إن الشيطان المتربص بك هو من يضخم المشاكل ثم يقذف في قلبك ما المرأة منه بريئة، يدفعك إلى ذلك حتى تظلمها، فقد جمعت بين معصية سابقة وظلم لاحق.
أخي الكريم: اتق الله واعلم أن الله أقدر عليك من قدرتك أنت على زوجتك، فلا تظلمها وقد صارت بين يديك، ولا تحملها الآثام وقد شاركتها فيها، واعلم أن ربك الذي ترجو أن يتقبل توبتك هو ربها الذي ترجو هي أن يتقبل توبتها، والله أكرم من أن يرد تائبا أتاه، فاترك -أخي- هذا الأفكار، ونحن هنا نعطيك بعض المعينات على ذلك:
1- اربط كل تفكير سلبي بوسوسة الشيطان بغرض الإفساد، ومن ثم أكثر من الاستعاذة منه.
2- ضخم كل عمل إيجابي تقوم به زوجتك.
3- اجتهد في تنمية الإيمان في قلبك وقلبها، وأوجد أوقاتا للصلاة معا، والذكر معا.
4- اجعل لك معها نصيبا من قيام الليل.
5- حصن بيتك بالذكر، وقراءة سورة البقرة كل ليلة، أو سماعها، وحافظ على أذكار الصباح والمساء والنوم.
6- الاختلاف في الحياة لا يعرف الانحراف، وكل البيوت فيها مشاكل حتى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، والحوار خير وسيلة لحل المشاكل.
7- لا تناقش المشاكل فور وقوعها، واستمع لوجهة نظر زوجتك قبل أن تحكم عليها، وعظم ثقتك فيها حتى تثق في نفسها أكثر.
8- الحياة الزوجية لا تقوم على التطابق، فلن تكون زوجتك نسخة منك، فلا تحاول أن تدفعها لذلك؛ لأنها لن تقدر، بل عليك التعايش معها في المباح، وحملها على الجادة في الواجبات والحوار فيما دون ذلك.
وختاما: نحرج عليك -أخي- أن تظلم زوجتك، أو أن يتملكك الشيطان فتعمل عملا اليوم تندم عليه غدا، فما أوقع زوجتك فيما وقعت فيه إلا غفلتها وثقتها فيك، ولو كانت غير ذلك لعلمت كيف توقعك دون أن تخسر شيئا، لقد أخطأت نعم، لكن عن غفلة لا عن انحراف، كما أخطأت كذلك عن غفلة لا عن تعمد، فلا تبح لنفسك ما تحرمه على غيرك، ولا تستدع من الماضي ما يخرب عليك حياتك، نسأل الله أن يصرف عنك كيد الشيطان إنه جواد كريم، والله الموفق.