كيف أتصرف حيال حسد أختي لي؟

0 36

السؤال

السلام عليكم.

لدي أخت أكبر مني ب ٥ سنوات، وتزوجت مبكرا، دائما أراها مكتئبة ومتحسرة على حياتي أنني عزباء، وأعمل في وظيفة مريحة، وهي تعاني من وظيفتها، ودائما أشعر بأنها لا تتمنى لي الأفضل، ولا أن أكون أفضل منها، وتنتقدني، ولا ترى معروفي، ولا تحب الثناء عليه، مع أنها لا تضرني، ولكن يضاقني حسدها لي، ودائما تدعو لي بالزواج بنية الخلاص مني، وحتى لا تراني مرتاحة بحياتي، فهل علي الخوف منها؟ أم ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك العرض لهذا السؤال الذي يدل على مشاعر نبيلة، ونسأل الله أن يهدي هذه الشقيقة لأحسن الأعمال والأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنها وعنكم وعنا جميعا سيء الأخلاق، فإنه لا يصرف سيئها إلا هو.

لا شك أن الحسد - وهو تمني زوال النعمة من الغير - من الأمراض الخطيرة التي نحتاج أن نقف مع أنفسنا فيها، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعين هذه الشقيقة الكبرى على إظهار مشاعر الود وتمني الخير لك، ونؤكد لك أن ذلك لا يضرك أبدا، يعني: هذا الذي يرى من الحسد لا يضرك أبدا، لكن يضرها، ونحن لا نريد لها - باعتبارها من بناتنا - إلا الخير.

ولذلك نتمنى ألا تقفي طويلا أمام هذا الأمر، وأن تجتهدي في مقابلة إساءتها بالإحسان، وعدم الوقوف مع هذه المواطن الصغيرة -الأشياء التي تؤلم الإنسان-.

واعلمي أن الحسد داء، دائما يكون بين الأقرباء وبين الجيران وبين الإخوان، ولكن نتمنى أن تنجح هذه الأخت في مجاهدة نفسها، ولا ننصح بمواجهتها أو اتهامها بأنها حاسدة أو نحو ذلك من الكلام؛ لأن هذا لا يزيد الأمور إلا اشتعالا، وعليه ننصح بما يلي:

أولا: الدعاء لنفسك والدعاء لها.

ثانيا: مقابلة إساءتها بالإحسان، والتقرب إليها، وعمل ما عليك، فإن الله يحاسبك بما تقومين به، ويحاسبها ويسائلها بما تفعله، قال العظيم: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.

ثالثا: إذا دعت لك بالزواج فقولي (آمين)، واسألي الله تبارك وتعالى أن يسعدك، وأن يضع في طريقك رجلا صالحا يسعدك وتسعديه، فالزواج لا يعني أنه أمر غير محبب، أو أنها تريد الخلاص منك، فينبغي أيضا أن تدعي لنفسك أيضا أن يرزقك الله بالزوج الصالح الذي يعينك على الخير وتعينيه على الخير، وأن يرزقكما الذرية الصالحة التي تكون امتدادا لأعمالنا الصالحة.

وإذا وجد الإنسان صعوبة في عمله فعليه بالصبر، أو وجد راحة في عمله فعليه بالشكر، والإنسان مأجور في سائر أحواله، و(عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).

وإذا كان حسد هذه الأخت - كما يرى لك - لا يضرك؛ فهذا هو المهم في الموضوع، فلا يخلو جسد من حسد، ولكن المؤمن يخفيه، ويجتهد في مصارعته، وفي تفادي تحوله إلى أذية أو غيبة أو نميمة أو شر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يطهر قلوبنا جميعا من الحسد والرياء، ومن الشقاق والنفاق وسيء الأخلاق.

ونكرر لك الشكر، وندعوك إلى الصبر على هذه الأخت والإحسان إليها، وأبشري بالثواب الجزيل عند الله تبارك وتعالى، كما ندعوك إلى حسن الظن، وعدم مفاتحتها في هذا الموضوع؛ لأنه لا يجوز أن نتهم إنسانا بأنه يحسدنا، أو بأنه لا يريد لنا الخير؛ ولأنه أيضا ينبغي أن نوقن أنه إن أراد أو لم يرد فإن الأمر لله من قبل ومن بعد، وهذا الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، ولو أراد أهل الأرض جميعا أن يمنعوك من خير أنزله الله فلن يفلحوا، أو أرادوا أن يحولوا بينك وبين أمر قدره الله فلن ينجحوا.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعمر قلوبنا بالإيمان واليقين، وأن يكتب لك ولها التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات