السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مجتهد وقريب من الله سبحانه وتعالى، أريد أن أتزوج من فتاة في مثل عمري، لا أقصد أن أتزوجها الآن ولكن في المستقبل، حيث كان والدي -رحمه الله- يعلم ذلك، وعلى استعداد، ولكن شاء الله أن يموت في هذه السنة.
هذه الفتاة كنت أرسلت لها متابعة فقبلت، وهي لم تقبل متابعات من زملائي وأقراني، فلماذا قبلت متابعتي لها؟ هذا سؤال يراودني بشدة، وقد رأيتها عدة مرات فوجدت أنها تبتسم لي أنا، ولكن لم أفهم ما تريد أن تقول، يعلم الله أنها محترمة وليست مثل بنات هذا الزمن، بل هي أقرب إلى الله، وعلمت ذلك فأبوها وأمها وأخوها يعرفونني ويعرفون أبي وأمي، فأبوها كان صديقا لوالدي، وأمها تعمل مع أمي وهي صديقتها، ولكن أخشى من افتضاح مشاعري لو أبلغتها إلى الفتاة، فمن الممكن أن ترفض أو تقبل، فإن رفضت أغلقت ذلك الباب نهائيا، فأنا لا أفرض نفسي على أحد، حتى إن كان لا يوجد غيرها في الكون، فهذه ليست أخلاقي، وإن قبلت لا أعلم فمن الممكن أن لا نتزوج وأكون قد ضيعت عليها من هو أحسن مني خلقا ومالا وعملا وقربا من الله، فآثم لما حدث.
لا أعلم ماذا أفعل؟ ولكن أنا متأكد من أنها تمتلك قدرا من التفكير في، فلا أعلم هل أترك الأمر غامضا لها ولي، أم أتحرك؟ أخاف عليها من الحزن، وأخاف على نفسي من الفتنة، وأخشى من أمها وأبيها وأخيها؛ يعتقدون كلامي مع والدها كلاما عاديا في شأن العمل الخيري الذي أنا فيه، وأبوها يعتقد أنني أتقرب منه لأجل ابنته، وهذا ليس في تفكيري مطلقا.
أخيرا أرجو منكم الإجابة النافعة، فقد حيرني أمري، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
ما رأيناه في استشارتك –أيها الحبيب– ينبئ عن رجاحة في عقلك وحسن تدبير لأمورك، فنسأل الله تعالى أن يزيدك صلاحا وتسديدا، كما هو واضح أيضا حسن أخلاقك وحرصك على عدم إيذاء الآخرين، وهذا سلوك نأمل من الله سبحانه وتعالى أن يكون مفتاحا لكل خير في حياتك.
ونصيحتنا لك – أيها الحبيب – ما دمت لا تستطيع الزواج في الوقت الحالي، وما دام التعلق بهذه الفتاة في أوله؛ فنصيحتنا لك: أن تجاهد نفسك للإعراض عن هذه الفتاة قبل أن يتعلق قلبك بها ثم ربما لن تتمكن من الزواج بها، تعيش ألوانا وأنواعا من المعاناة، فإن العشق داء القلوب ومرضها، وهو شيء مؤلم تحمله شاق متعب، فالخير كل الخير إن أردت إراحة نفسك وتجنيبها هذه المعاناة أن تقطع الوسائل المؤدية إلى ذلك العناء، وأن تسد الأبواب المفتوحة عليك، وتصرف نظرك عن التفكير في هذه الفتاة، وهذا أيسر لك وأسهل الآن.
ثم إذا جاء الوقت الذي تتمكن فيه من الزواج –ونحن ننصحك بأن تأخذ بأسبابه إذا استطعت إلى ذلك سبيلا– إذا جاء الوقت للزواج وكانت هذه الفتاة لا تزال غير متزوجة أمكنك حينها أن تتقدم لخطبتها، فإن كان الله قد قدر أن تكون زوجة لك فستكون لا محالة، وإذا كان الأمر على خلاف ذلك وجاء وقت الزواج وقد تزوجت هي، أو حال بينك وبينها أي حائل آخر، تمكنت من اختيار الزوجة المناسبة لك دون عناء ولا مشقة، ودون تعريض القلب لآلام العشق والتعلق بامرأة معينة لا تستطيع الوصول إليها.
فهذه نصيحتنا نأمل أن تأخذها مأخذ الجد وتعتبر بمن سبقك من العشاق الذين تعلقت قلوبهم بنساء ثم عاشوا أنواعا من العناء باقي حياتهم، واعلم -أيها الحبيب- أن الفتيات الصالحات المناسبات لك كثيرات جدا، وما تجده في هذه الفتاة من الصفات التي تجذبك إليها ستجده في غيرها، وربما بشكل أقوى وأجمل.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.